تقرير الاجتماع المقام للحوار الإيراني ـ العربي - (الخاص بدراسة وتكريم رؤية محمد حسنين هيكل وتجربته الإعلامية) تقرير الاجتماع المقام للحوار الإيراني ـ العربي
(الخاص بدراسة وتكريم رؤية محمد حسنين هيكل وتجربته الإعلامية)

الأربعاء 11من مایو من 2016 م من الساعة التاسعة صباحا وإلى الخامسة عصرا
أقيم الاجتماع بكلية الآداب واللغات الأجنبية بجامعة العلامة الطباطبائي
بدأ الاجتماع والجلسة الافتتاحية بتلاوة آيات من الذكر الحكيم ثم عزف النشيد الوطني الإيراني.
الدكتور صالح بيك الأمين العام للمؤتمر:

أشكر الطلاب والضيوف الأعزاء لتلبيتهم دعوة جامعة العلامة الطباطبائي (ره) ورابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية.
إن مكتب التعاون العلمي بجامعة العلامة الطباطبائي كأكبر جامعة للعلوم الإنسانية على مستوى البلد متكاتفا مع رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية كأكبر منظمة ثقافية دولية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية بذل جهدا مكثفا لتوطيد العلاقات الثقافیة بين إيران وسائر البلدان. وقد تم إنجاز خطوات ناجحة في هذا المجال ومن هذا المنطلق فإن مؤتمرنا هذا لأجل تكريم شخصية الصحافي والإعلامي الكبير محمد حسنين هيكل یعد نموذجا منها. نحن نحاول أن ندرس الأفكار والرؤي لهذا الصحفي العظيم المعاصر وهذا ينسجم إلى حد كبير مع تطلعاتنا للحوار الثقافي الإيراني ـ العربي.
إن مكتب التعاون العلمي لجامعة العلامة الطباطبائي بمساعدة رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية والملحقيات الثقافية التابعة لها تمكن من توجيه الدعوة وإرسال الرسائل إلى المفكرين والمجامعيين لمختلف البلدان وقد شارك في هذا الاجتماع مجموعة من المفكرين من الجزائر والبلغاريا وتونس وسوريا والعراق وقطر ولبنان. مع أنه من المؤسف لم نحظ بحضور المفكرين المصريين لأسباب. نحن نتابع توسيع علاقاتنا الثقافية والعلمية مع سائر البلدان. وهذا ما نحتاج إليه اليوم أكثر من ذي قبل. ففي الجلسة الافتتاحية نستفيد من الإصغاء إلی كلمة كل من الدكتور أحمدوند مساعد الشؤون البحثية لرابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية والدكتور مصلح عميد كلية الآداب لهذه الجامعة والدكتور فلاح من العراق.
وبعد الجلسة الافتتاحية لدينا ثلاثة اجتماعات ففي الاجتماع الصباحي الأول ندرس رؤية وتجارب هيكل وفي الاجتماعين المقامين عصرا سندرس العلاقات السياسية بين إيران والعالم العربي وعلاقتمهما التأريخية. 
إن هیکل کان من کبار الصحافیین والإعلامیین العرب والمصریین فی القرن العشرین ومن العناصر الفعالة في السياسة المصرية بشكل خاص والعالم بشكل عام. فقد تمت ترجمة أعماله إلى 23 لغة. ولأجل هذا يعتبر مؤلفا كبيرا ونجما لامعا في هذا المجال. ففي الختام أشكر جميع الضيوف والمحاضرين لتلبيتهم هذه الدعوة وتحمل العناء للحضور.
الدكتور شجاع أحمدوند (مساعد الشؤون البحثية لجامعة العلامة الطباطبائي)
 بداية أرحب بقدوم الضيوف الأعزاء من البلدان الإسلامية والشقيقة وأشكر رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية وجامعة العلامة الطباطبائي لأجل إقامة هذا الاجتماع.
إن عالمنا اليوم بحاجة إلى مثل هذه الحوارات. فمع الأسف هناك توجه في الجامعات يعتمد على التكسب وتوفير المداخيل مع أن مهمة الجامعات متابعة حل مشاكل المجتمع وقضاياه. فمن الواضح أن حل مشاكل المجتمع من مسؤوليات الجامعة لكن هذا الأمر قد همش سائر مسؤوليات الجامعة وهي الحفاظ على التراث الثقافي والبشري.
نعم إن هذه المشكلة تتفاقم في الجامعات المعنية بغير العلوم الإنسانية. ومن دواعي فخري أن أعلن بأن جامعة العلامة الطباطبائي مع ما لها من أساتذة عباقرة ينشطون في مجال العلوم الإنسانية تحاول أن تحافظ على التراث الثقافي والحضاري للمجتمع عبر حل مشاكله. وخير مثال على هذه المبادرة إقامة اجتماعنا الحالي. وهذا الاجتماع يهدف إلی الحفاظ على التراث الثقافي للعالم الإسلامي والبشري. من جملة هذا الرصيد الثقافي هو محمد حسنين هيكل والذي كان من كبار شخصيات العالم العربي والإسلامي. فهناك من يحظي بمكانة اجتماعية بسبب مهنتهم وعملهم وهناك من يبجل مهنته ويمنح مكانة لها. وهيكل هو من الصنف الثاني فقد افتخر الكثير باللقاء به والاجتماع معه. هذه الشخصية شهيرة ومعروفة في إيران لأن لقاءه مع الإمام الخميني (ره) كان فصلا مهما في حياته الثقافية والسياسية. نأمل أن يكون هذا الاجتماع بداية خير لمواصلة الحوار بين العالم العربي وإيران. من المعروف أن الثقافة هي المستضيفة والسياسية هي الضيف. هذه العلاقات الثقافية والحضارية تبقي وهذاالحوار الثقافي يفيد البلدان العربية مع أن القضايا والتطورات السياسية هي عابرة. لكننا نأمل أن تتأثرالسياسة بالثقافة. وأخيرا لابد من تقديم تحيات رئيس جامعة العلامة الطباطبائي إلى كافة ضيوفننا الأعزاء.

الدكتور حسن عبدالحسين فلاح رئيس جامعة المستنصرية ببغداد:
إن مؤتمرنا هذا واحد من سلسلة المؤتمرات التي ستستمر وتهدف دراسة الحلول والطرائق لدعم الحوار ونحن في هذا الاجتماع سنتحدث عن شخصية شهيرة في العالم العربي. والذي قد بذل جهدا مكثفا للتقارب بين العرب والإيرانيين.
فهيكل مع ما له من علاقات برجال الحكم والسلطة كان صحافيا وقد مارس هذه المهنة ومنذ أكثر من نصف قرن في مختلف الصحف والجرائد حتي انتهى إلى جريدة الأهرام.
فهو شخصية فريدة أقام علاقة بين العمل الصحافي والسياسة وجمع بينهما. بما أني أحاول أن اختصر في حديثي والتوسع في مختلف جوانب هيكل يحتاج إلى وقت طويل وساعات من المحاضرة، أشير إلى جوانب من شخصيته المرموقة. فقد عاصر كثيرا من الانتفاضات التحريرية في القرن العشرين وبداية القرن الحالي. كان متخصصا في تأريخ العالم العربي فقد أدرك الحقب التأريخية المختلفة منذ نهاية الحرب العالمية الثانية إلى عام 1991 م وانهيار النظام السوفياتي السابق في هذه الفترات الزمنية شهد كثيرا من التطورات السياسية. فكان معاصرا لجمال عبدالناصر وقد عاصر نمو القومية العربية كما عاصر أنور سادات وقد اختلف معه كما هو المعروف. فقد كان الخلاف بينه وبين أنور سادات بسبب تداعيات حرب أكتوبر. فقد شهد جميع هذه التطوارت الواسعة. 
فالمهم موقفه تجاه الجمهورية الإسلامية الإيرانية وقد التقى بالإمام الخميني (ره)قبل الثورة الإسلامية وبعدها. فقد تحققت فعلا تكهناته لأحداث إيران. فمع أنه لم يكن سياسيا بالمعنى الدقيق للمصطلح لكنه كان يتمتع برؤى سياسية تتقارب مع وجهات نظر السياسيين. فقد تحدث كثيرا عن إيران وحكام منطقة الخليج الفارسي وقدم إطارا شاملا في مجال العلاقات بينهما. فعلينا أن نقدر هذا الاجتماع ونكرم هذه الشخصية وكان من الجدير مشاركة الشخصيات المصرية وبسبب بعض التطوارات والمواقف لم يتحقق هذا الأمر. وحرمنا من الاجتماع بهم. لا أقصد أن أخوض في تفاصيل وتحاليل لنظريات هيكل لأن هذا يحتاج إلى نظرة متأملة وعميقة فأمنح بالوقت لسائر الضيوف المحترمين. 
الدكتور هاشمي (مساعد الشؤون الثقافية لرابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية)
مع تحياتي واحترامي لجميع الحضور وتقديم أحر التهاني بمناسبة أعياد شهر شعبان المعظم والشكر الموصول للأساتذة والضيوف. ما يسعدني أن المرحلة الجديدة للحوار تم عقده في هذا المعهد العلمي. فموضوع الاجتماع دراسة شخصية محمد حسنين هيكل. فاختيار هذه الشخصية المصرية في اتجاه الحوار الإيراني ـ العربي اختيار جدير ومناسب. لأنه كان من دعاة الحوار بين العالم العربي وإيران وكان يحاول دوما التعاضد والتساند وإقامة العلاقات الوطيدة بين الجانبين واحيانا كان يتعرض لبعض اللوم والإشكالية من قبل معارضيه بسبب هذه الجهود. إن تعرفه على إيران يعود إلى قبل الثورة الإسلامية. فكان له رحلات إلى إيران ولقاءات مع المسؤولين في الجمهورية الإسلامية الإيرانية. فكانت هذه المجادلات تتيح له فرصة ليشهد القضايا عن كثب ويلتقي بالقادة السياسيين ورجال الدين في البلد ويتحاور معهم. فلقاءه مع الدكتور مصدق وآية الله كاشاني والدكتور فاطمي (وزير الخارجية في حكومة مصدق) وحواراته الإعلامية والصحفية في قضية تأميم النفط الإيراني والتي أدت إلى محاولة جمال عبدالناصر لتأميم قناة السويس معروف ومشهور.
إن معرفته بإيران في كتابه المعروف والمعني بهذا الامر باسم "إيران على فوهة البركان" ينم عن وعيه الدقيق للقاضایاالإيرانية. إن رحلاته بعد الثورة ولقاءه مع الإمام الخميني في باريس وطهران وقد كنت رافقته في واحدة منها حیث دخلت معه في السفارة الأمريكية بطهران والتي كانت وكر التجسس لهم وشهدت معه محادثاته مع الطلاب الملتزمين بنهج الإمام الخميني (ره). فكانت معرفته لإيران تعود إلى قبل الثورة وبعدها. فكما أشار الدكتور حسن فلاح فهو ضمن كتابه "مدافع آية الله" أشار إلى التطورات الإيرانية. فقد ألف أكثر من أربعين كتابا ومن الملاحظ أن كتابه الأول يختص بإيران. وكان يعتبر نفسه رهينا لإيران وقد أشار في مقابلة أن تجربته الإعلامية قد تحققت بفضل إيران. كان في فترة زمنية رئيسا للتلفزيون الأهلي اللبناني. وكانت رغبته إلى النخب السياسيين الإيرانيين واضحة. وهذا مما يظهر في كتاباته ومؤلفاته. كان كاتبا بارعا ومحللا سياسيا ماهرا إضافة إلى أنه كان إعلاميا ناجحا. إن هيكل لم يكن إنسانا عاديا لأن لتحاليله التأثر الفعال على العالم العربي ومصر. فلا ننسى العمود المخصص لما كان يكتبه يوميا في جريدة الأهرام. وقد سمى ذلك العمود "بالصراحة" وجميع الخبراء السياسيين كانوا ينتظرون قراءته. وكذلك كان هيكل مؤرخا جديرا فكان يكتب بعد الحرب العالمية الثانية حتى الشهور الأخيرة وكانت مقالاته بخصوص التطورات العالمية والإقليمية.
فكتابه "عودة إلى التأريخ" يشتمل على مقابلاته مع سبعة أشخاص  قبل الثورة الإسلامية. فكتاباته تعتبر وثائق ومصادر تأريخية في المعاهد الجامعية وكان خبيرا سياسيا محنكا من أنصار جمال عبدالناصر ولذلك كان له دور مهم في تطورات مصر. 
وهذا يمتد في فترة توليه منصب وزارة الثقافة المصرية وفترة أدائه كمستشار إعلامي للرئيس المصري. كما أن له دورا فاعلا في فترة حسني مبارك وأنور سادات .فقد أعتقل بسبب مواقفه. فإقامة هذا الاجتماع في جامعة العلامة الطباطبائي مبادرة قيمة وأقدم جزيل شكري للقائمين عليه. ولا بد لنا أن نقدم مدى رغبتنا وشوقنا إلى النخب والعباقرة من العرب كما نحترم شخصية كفقيدنا محمد حسنين هيكل.
فتكريمنا لمثل هذه الشخصية مهم جدا.إن مواقفه تجاه القضية الفلسطينية تتشابه مع مواقف إيران. فعندما توفي في بداية العام الميلادي الراهن فقد أعلنت وسائل الإعلام الإسرائيلية بأن واحدا من أكبر خصوم إسرائيل قد مات. وأعلن الفلسطينيون بأنهم فقدوا واحدا من أنصارهم. فكانت كتاباته فعالة في هذا المجال. فعلاقته مع السيد حسن نصرالله کانت موضوع جدير وخاصة لقائه به الذي كان يعتز به دوما. فكان في أواخر حياته طرح سؤالا لماذا تقيمون علاقة مع إسرائيل ولا تقيمونها مع إيران مع ما لها من العلاقات التأريخية والجوار؟؟ فكان بذلك يتحدى حكام العالم العربي. فكان يؤكد حتی أيامه الأخيرة  علی الحواروالقضیة الفلسطینیة و المقاومة.

  الدكتور مصلح عميد كلية الآداب واللغات االأجنبية بجامعة العلامة الطباطبائي 
نكرّم ذكری هيكل ونتشرف بهذا الإجتماع الذي انعقد وأقيم لتكريمه لكن لهذا الاجتماع  أهداف أكبر و هي علاقة ايران ونسبتها مع العالم العربي . فالمحور الأساس لهذا الأجتماع الحوار و لأجل بلورة الموضوع أنا أطرح عدة أسئلة أعتبرها مصيرية  نحن نعيش في قسم من العالم المعاصر المسمي بالعالم الإسلامي  و في هذا العالم المشحون بالخوف و الرجاء  يعتبر العالم الإسلامي بؤرة لبعض الفتن و نحن نعيش في هذه البؤرة. إن أكثر الأنباء و أهمها بخصوص الصراع و الحرب تبث من منطقة نعيش فيها.  فنحن كأتباع ثقافة و ديانة تدعونا إلي التوحيد والوحدة  لكننا أكثر الشعوب و الأمم تفرقاً و تمزّقاً.إن رسولنا هو رحمة للعالمين .لكنّنا  لا نشمّ شذی الرحمة من أتباعه عليه السلام . فما هو السبب في ذلك؟ لماذا هذا هو الوضع السائد ؟ ولأيّ سبب تعرض العالم الاسلامي  لهذه الأزمات ؟ و لماذا نمارس الصراعات الثقافية الداخلية بدلاً من الخوض في الأزمة و تقديم حلول للقضايا المعاصرة؟ لماذا لا نستغل التجارب التي أسلفناها؟ فمن المعقول أن لا  نلدغ   من جحرٍ واحدٍ مرّتين .لماذا لا نعتبر بالتاريخ الإسلامي ؟ فقبل أيام قرأت في كتاب لجورج فريدمن باسم «مستقبل العالم علی مدی مأئة عام .فقد تكهن مستقبل العالم من منظور الولايات المتحدة الإمريكية.
فهو في كتابه يطرح خمسة منافسين للولايات المتحدة، واحد منها هو العالم الإسلامي لكنّه يقول بأن العالم الإسلامي و بسبب مشاكله و أزماته الداخلية لايعتبر حاجزاً أساسياً ورئيساً للولايات المتحدة الأمريكية. إن مشكلتنا هي مشكلة الثقافة . لدينا تجارب و ليست  هذه التجارب شحیحة. لكن لماذا لا يستفيد العالم الإسلامي من هذه التجارب؟  ويعيد علي نفسه هذه القضايا؟ إذا كان هناك موقف يجدر بالإجابة عن هذه الأسئلة فمثل هذا الإجتماع أنسب و أجدر من غيره. لماذا یسیر الربيع العربي إلی الإنهيار و الزعزعة؟
إن موجة اللاجئين إنذار جاد لنا لماذا أصبحنا متهمين ومشبوهين بالتطرف والعنف؟ فمن الممكن أننا وفرنا المجال لإيعاز هذه التهمة إلى أنفسنا. فمن تصوري أن الأوان قد حانت لنتحاور عن جذور العنف في الإسلام والبحث عن الطرق الكفيلة للوئام والانسجام والتلاحم والتعاطف.
لكن لابد وأن لا نكون آيسين من النتيجة وإن كانت بعيدة المنال. فهل يتحقق توقع فريدمن وتكهنه لمستقبل العالم على مدى مأئة عام كما يتحقق بالنسبة إلى العام الإسلامي؟ هذه هو السؤال الرئيس والمهم. وهل يمكن تغيير هذه الرؤية؟ فيمكننا أن نسير في ضوء التعرف على أفكار ورؤى محمد حسنين هيكل والذي كان من رموز الدعوة إلى إزالة العنف والإقبال على التعاطف والعقلية وبالاستفادة من التجارب أن نسير في هذا النهج لإصلاح مثل هذه المشاكل.
الاجتماع الأول

فكرة محمد حسنين هيكل وتجربته الصحافية
الدكتور عبد الجبار (عميد كلية العلوم السياسية في جامعة بغداد)

الصلوة والسلام على رسول الله وأهل بيته الطيبين الطاهرين إلى يوم الدين. أحاول أن أشير وباختصار إلى بعض الرؤى لمحمد حسنين هيكل. والتي لا بد وأن نستلهم من تجربة هذه الشخصية. وهذه مبادرة قيمة وأساسية. يمكن أن نحصل عبرها على الأفكار الواضحة والاستراتيجية. فكان من رواد الفكرة المؤسسية. فكان يعاصر كثيرا من القادة وخاصة في مصر. فالسؤال المطروح ما هي علاقة المفكر بالسلطة؟ هل لابد وأن يكون مثنيا عليها ومادحا لها؟ أو لابد وأن يكون له اتجاه آخر؟ فإذا تمكنا من جمع توجهات هيكل يمكننا أن نخطط قانونا شاملا ومن ثم نقوم بدراسة مواقفه تجاه الحكام والحكومات. أنا اعتبر هيكل من وراد الدبلوماسي الثقافي والعام.
فقد تحدث في أحد كتبه عن عملية صنع القرار و تخطیطه في العالم العربي فكان يعتقد بسلطتين :السلطة  المؤسسية و السلطة النابعة من أذواق الحكام وسلائقهم. فكان يقترح لأجل التأثير الفاعل أن نقبل علی العمل المؤسسي للإدارة الجديرة و لتكفّل الأمور.
إمّا بالنسبة إلي فلسفة هيكل و عقيدته  فعندما كنا صغاراً في العراق كنا نظن أن هيكل هو هيغل الفيلسوف الآلماني. لكننا و فيما بعد تعرّفنا عليه بأنه سياسي واقعي. فكان يعتقد أن كل نظام من أنظمة الحكم إذا حاول أن یتابع دوره دون الاعتماد علی الرأي العام و وجهات نظر الشعب  يفشل في مهمته فمع ملاحظة جميع خصائص هيكل و ميزاته لابد أن نلاحظ کیف يمكن أن يكون لنا أمثال هيكل في مجتمعاتنا و في هذا العصر الراهن .
أدعوالقائمين علی هذاالإجتماع أن نقوم بدراسة آراء و أفكار هيكل و تقويمها لنتخذ منها نماذج لأجل خلق أمثاله و لنحصل علی أشباهه في ايران و في مجال الصحافة والإعلام .
الدكتور واعظي (أمين الاجتماع الأول) 
إن الحديث عن منهج هيكل في الحوار بحاجة إلی نقاش طويل. إن من الأهمية بمكان أن نعرف لغة التفاهم و الحوار بشكل تطبيقي .هناك كتاب صدر فی إحدی البلدان العربية بإسم« حرمه الحوار مع الأديان»  فقد ألف معارضاً لموضوع الحوار . مع أننا نعرف أن حياة الرسول الأعظم (ص) كانت مشحونة بالحوارات .  
الدكتور خانیکي  عضو هيأة التدريس بجامعة العلامة الطباطبائي (ره) 
أحيي الضيوف الأعزاء من الأساتذة و الباحثين و الطلاب و أشكر القائمين علی هذا المؤتمر كما أشكر رابطة الثقافة و العلاقات الإسلامية و جامعه العلامة الطباطبائي و كلية الآداب و اللغات الأجنبية بها ،كما أشكر قسم اللغة العربية في هذه الكلية حيث أنهم أتاحوا هذه الفرصة للحواروإقامة العلاقة بين الجامعة و المؤسسة المعنية بتخطيط الثقافة و هي رابطة الثقافة والعلاقات الإسلامية .
إن لمحمد حسنین هيكل ثلاث  ميزات و خصائص. هيكل ككاتب سياسي و هيكل كمؤرخ و هيكل كصحافي . و أنا حسب اختصاصي أمارس الميزة الثالثة له. فالنقطة الأولی لماذا للصحافيين و الإعلاميين دور في خلق الحوار و تنسيقه ؟ هناك في علم الاجتماع بحث و هو النسبة و العلاقة  بين العالم و الصحافي  . ما أريد قوله أنّ الصحافي هو الذي يقيم هذه العلاقة .فهو يعيش المشهد عن كثب ولا يتحقق السرد التاريخي و نقله دون تواجده. فالحوار بحاجة إلي هذا السرد. فالصحافي أطلق عليه اسم عين الطوفان .فهيكل من جمله الصحافيين الذين يسردون في معرض الطوفان والإعصار و الزوبعة .فهو يؤكد دوماً بأنّه صحافي . فهناك تعقيد و غموض بين السياسة و العلاقات العامة أو وسائل الإعلام. يقول هيكل لابد للفرد و لأجل أداء دوره أن يقيم علاقة مع الآن و الزمن الراهن و أن يدرك الآن ولذلك يهتم بالنقد التاريخي فهو لأجل معرفة مصر يقدم ستة اشخاص فيطرح محمد علي باشا و جمال عبد الناصر في السياسة و استقلالية مصر و في الجهود العقدية و السياسية يطرح عربي باشا ومصطفی باشا و في رقي الأفكار يطرح الطحطاوي و محمد عبده.  فهو يؤكد علی الفهم التاريخي و هذا ما جعله ممتازاً عن سواه. فكيف استطاع أن يكون فعالاً في الحوار فعندما نلاحظ خلفيته نجده صحافيا متواصلاً و فاعلاً يبحث دوماً عن الأفكار التطبيقية و التوظيفية. من جملة أعماله كتاب "علی فوهة البركان" و الذي حاول فيه أن يقدم صورة واضحة من إيران في العالم العربي و قد ألف في فترة انتفاضة تأميم النفط الإيرانية. 
وبعد ذلک تطرّق هیکل إلی تجسید شخصیة الإمام الخمیني (ره) و التعریف به  علی أعتاب الثورة الإسلامیة. هو لم یهتم بالعنصر العربي أو الإیراني بل کان یهتمّ بالعنصر الإسلامي کما أنّ قضیة الشیعة والسّنة لاتهمّه بل کان یرکّز علی حوار الحضارات والثقافات. وکان یدعو کبار الشخصیات المصریة لتتحوّل نظریة الحوار إلی المبادرة. ففي اجتماع أقامه في حدیقته بمصر دعا المفکرین العرب وغیرهم لیدرسوا ما هي الحلول لإزالة التّوتر بین العرب والعجم والشیعة والسنة والشرق والعرب.
فکان یری أنّ السیاسیین لابد وأن یمارسوا القضایا من الجانب النظري البحت فلابد أن ندرس القضایا الرّئیسة ونبحث عن الحلول المعقولة. فکان یعتقد أنّ مجال الحوار علی وشک الإغلاق والسّد. فکما أنّ وسائل الإعلام لها دور في هذا الانسداد کذلک یمکن أن تؤثّر في فتحها. کان یقول علینا أن نلاحظ کیف یمکن أن نتحاور معا. علینا أن نتعلم الحوار بیننا و من ثم نعلمه الآخرین. فمن هذا الجانب فإنّ تجاربه بحاجة إلی دراسة جدیدة. فإنّ السیاسة والنشاط الجامعی والصحافة هی المجالات التی لهیکل فیها دور و حنکة. فهیکل موضوع للحوار والتفاعل بین المفکرین الإیرانیین والعرب. 

الدکتور واعظی (أمین الاجتماع الأول)
فملخّص ما ورد في کلمات المحاضرین التمکّن من استخدام جمیع القابلیات واستغلالها للتفاعل. نحن نحاول أن نستغلّ جمیع  القابلیات للتفاعل والتعامل مع الآخرین کما أنّ هیکل کان یتابع ذلک. فنشکر جامعة العلامة الطباطبایی کما أشکر الدکتور خانیکي أیضا.

الدکتور علی عبدالله محمد المحمود (أستاذ الجامعة القطریة)
عندما نفقد شخصیة بارزه و عالما کبیرا نشعر بالفراغ و من جملة هؤلاء محمد حسنین هیکل. کانت هناک علاقات تأریخیة وعمیقة بین العالم العربی والإیراني فیمکن فهم ذلک من خلال علاقة اللغة الفارسیة باللغة العربیة حیث هناک التداخل الثنائي بینهما. نحن اجتمعنا هنا لتکریم شخصیة هیکل وقد فارق هذا العالم. ولکن توجهاته و رؤاه بقیت خالدة فهو في أعماله الفکریة ونشاطاته الصحافیة کان یدعو إلی الحوار مع إیران وخاصة بعد انتصار الثورة الإسلامیة فیها. لیس لدینا بدیل للحوار مع إیران ولا بدیل للعلاقات والحوار وکان یدعو هیکل للحوار مع إيران.
 يمكن أن المحادثات السياسية غير ممكنة لأن الساحة السياسية ساحة تضارب المصالح و تبرّرفيها الغايات حسب ما يقول الماكياولية لكن هيكل كان يؤكد علي الحوار العلمي و الثقافي و الإجتماعي .هناك علاقات وطيدة بین إيران و العرب فعلي سبيل المثال فإن 60% من العرب في الخليج الفارسي في كل من القطر و البحرين و الإمارات و السعودية من أصول إيرانية. فما خدعنا هو تلك الرؤية التي روّجها البعض أن هيكل كان يعارض رؤية التباعد و الانفصال لكن أفاجئكم بشيٍ بأن هذه الرؤية  لم تخصّ هيكل فحسب بل كان السيد خالد بن عبدالله العطية، هذا المفكر في قطر كان يؤكد علي فتح قنوات للحوار مع إيران و كان يعلن بصراحة إن الإيرانيين لم يهاجموا العرب أبداً و إن العرب قد هاجم علی الإيرانيين فليس هو من الشيعة ليصرح بذلك عن هذا الموقف  أو يذكره لإرضاء ايران أولأجل المصالح المالية لأنه كان من أصحاب الثراء و رؤوس الأموال  فهو قد صرح بهذا الكلام كموقف أكبر مما أبداه هيكل بخصوص إيران. فليس لدينا بديل للحوار بين إيران و العرب. إن وسائل الإعلام تقدم صورة مشوهة عن إيران ومن منطلق هذه الآية القرآنية التي تقول : إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة، أن تستمع إلی ما تقوله قنوات مثل "بي بي سي" و "سي ان ان". فأفضل طريقة للوصول إلی الحقيقة و حل المشاكل الحوار والمحادثات الثنائية المباشرة .كان هيكل في حقبة زمنية هامة من التاريخ فحضوره في هذه الفترة جعله رمزاً ملحوظاً. فكان له موقف صارم  تجاه القضية الفلسطينية وكانت هذه القضية و القضية الحوار مع إيران ميزتان أساسيتان له و قد ظهرت في عمله الصحافي .مع أن لنا بعض الإشكاليات عليه في العالم العربي مثل قضية الإخوان المسلمين .لكن ملخص ما أريد قوله أنه لابديل لنا للحوار بين إيران والعرب مع ما في هذا المسار من عراقيل و حواجز فلابد أن نحول دون المتطرفين من الجانبین
الدكتور واعظي (أمين الإجتماع ) 
كان هيكل يصرّ علی موضوعين الوحدة و تجنب التفرقة فكان يعتقد أن تصنيف العالم الإسلامي إلی السنة و الشيعة‌ من أكبر الخيانات لهذا العالم  و كان يصرّح دوماً أن الشيخ شلتوت قد اعتبر مذهب الشيعة أحد المذاهب الإسلامية الخمسة. فكان يؤكد علي ذلك و أبدی إهتمامه به حتی آخر ایام حیاته. فكان من منظوره إن الأدب الإسلامي معتمدعلی الانسجام و الوئام. و القضية الثانية هي القضية الفلسطينية  و كان يؤمن بالالتزام بهذه القضية وكان يحتج علی مواقف من يريد إختيار ايران كبديل للكيان الصهيوني كعدو للإسلام و العرب. 

الدكتور فوزي علوي( رئيس مركز دراسات المسارات بتونس و الأستاذ الجامعي)
 لم نجتمع هنا فقط لأجل الحديث عن تاريخ حياة هيكل ماذا علينا أن نفعله في غيابه ؟ و خاصة في هذه الفترة الهامة. و نحن في هذا الإجتماع نتابع الرؤية المستقبلیة. كان هیکل صريحاً و صادقاً في تصريحانه و كان يؤكد علی حریة الناشط الإعلامي و أن يكون ملتزماً بمواقفه في مختلف المجالات. كان يؤمن بالقضية ‌الفلسطينية‌ و كفاحها لأجل القدس الشريف. فكان لشخصيته اتجاهان إتجاه عقائدي وإتجاه إعلامي. و لم يكن له نظير في هاتين الميزتين فكان يجمع بين الرأي والتطبيق و يؤكد دوماً علی التواجد في الساحة. و كان يتابع قضايا إيران و الثورة الإسلامية ‌ويقدم تحاليل صائبة في هذا المجال. فكان يصرّح بأنه من الضروري إقامة الحوار الثقافي بين إيران و العالم العربي كما نحن أيضاً نؤكد علی ذلك وهذا الحوار يجب أن يعتمد علی العقلية و الواقعية بعيداً عن الإحساس .فكان يقول إن وسائل الإعلام حالياً تعمل علي أساس إثارة المشاعر .وكان يری العداء مع إيران خطراً جادّاً. و كان يعتبر هذه المبادرة معارضة مع الحضارة. كما أن الأعداء قد مزّقوا الشعوب العربية بذرائع مثل التكفير و غير ذلك و علی رأس قائمة حكومات هذه الشعوب النظام الرجعي السعودي . فعلينا أن نقبل علی الحوار و للحوار جانبان فلابدّ أن يكون معتمداً علی أساس التعادل و الإعتراف بمبدأ أنا و الآخر. علينا أن نحترم الجانب الآخر و أن لا ننظر إلی القضايا من منظور سلطوي. فإذا كان الحوار في هذا الإطار سيكون ناجحاً .لم يكن يهم هيكل قضية العروبة للنجد والحجاز بل كان اهتمامه للعروبة لأجل الدفاع عن فلسطين. كان يعتقد لابدً و أن يكون الصحافي ملتزماً بمعتقدات. و أن يكون قدوة للآخرين كما يجب أن يكون محايداً في تقديم المعلومات و أن لا يكون منحازاً .نحن لا نعترف و لا نخضع للحرب الناعمة التی شنها أعداء المقاومة كما ندين الظلم الذي مورس ضد قنوات المقاومة مثل قناة المنار وغيرها. كما ندين المحاولات التی تسعی للهجوم علی وسائل الإعلام الحرة و الداعمة للمقاومة. فعلينا أن نخطط لحضارة سياسية عقلیة و أخلاقية و نكافح المستعمرين في هذا الإطار.

سؤال  طرحه السيد تسخيري 
إن آخر جملة كتبها الأستاذ محمد حسنين هيكل غریبة جداً. فالصحافي الذي تمرس هذه المهنة أكثرمن 70 عاماً يقول متواضعاً : قد قدّمنا كل ما كان لدينا و الآن حان دور الجيل الجديد ليقدّم ما لديه بلغة عصرية .هذه ملاحظة بخصوص شخصية هيكل امّا الملاحظة الثانیة هي مظلومية هذه الشخصية العظیمة في السنوات الأخيرة و في موطنه فقد هاجم الصحفيون المعارضون لخط المقاومة عليه بمقالات ضده وكان السبب في ذلك دفاعه عن القضية الفلسطينية و التأكيد علی العلاقات العربية الإيرانية .فكان لم يبخل بأي جهد لكفاحه المتواصل ضد إسرائيل. مع أن هناك محاولات لاستبدال الكيان الصهيوني بإيران كعدو للعالم العربي و لم يتوقف هيكل عن بذل جهوده لهدفه السامي و لم يأخذه في سبيل الله لومة لائم  فرحمة الله عليه.
تعليق السيد الصدر الهاشمي:
أقترح أن تؤسس مركز أو مؤسسة  باسمه رداً علی الظلم و الاضطهاد الذي عاناه ليكون تكريماً  لفكرته و فكرة أتباع هذه الإتجاه و هذه فكرة غير ناضجة يمكن مناقشتها.
الدکتور محمد ابوعاصي رئیس دراسات الشرق الأوسط ببلغاریا 
مع أنّي سأتحدّث في الجلسة المسائیة لکن لدیّ ملاحظة. إنّ الحوار بین الشعب الإیراني والعالم العربي بحاجة إلی صراحة. فالمشکلة الرئیسة في الحوار لیست الفوارق الثقافیة ولیست عندنا خلافات أساسیة. إنّ الخلافات الثقافیة هی حصیلة الخلافات السیاسیة فالمناقشة الرئیسة للاختلاف في الحوارات السیاسیة. لکن الحوار السیاسي بحاجة إلی التعادل و المساوات بین البلدان. مع أني لا أجد في العالم العربي دولة مستقلة علی طراز إیران. هذه البلدان تتعارض مع اسرائیل و قراراتها منبعثة من إرادة امریکا والحلف الأطلسي حالما تدعم إیران سوریا والمقاومة وفلسطین بشکل جادّ. مع أنّ البلدان العربیة تعارض هذه المبادرة وتطلب من إیران أن تبذل إمکانیاتها و دعمها للحکّام العرب. کما أنّهم کانوا یرافقون النظام الملکي البائد في إیران. إیران وعلی مدی سنین تدعم الحوار لکن العالم العربي لا یلبّی هذه الدعوة. فالعالم العربي یتراجع یوما بعد آخر. فالیوم یدعون المواطنین من غزّة للمشارکة في القتال في السوریا أو یشارکون في جنازة رقاصة مصریة أکثر مما یشارکون في جنازة هیکل وهذا ما یندی له الجبین.

الدکتور فلاح الأسدي
أقترح لإیران و لأجل التأثیر الفاعل علی مصر أن تخصّص جائزة ثقافیة لهیکل و هذا ما یلفت انتباه المصریین و یستقطبهم.
السید صمدي خوشخو مدیر طاولة مصر في الخارجیة الإیرانیة
إنّي أخالف هذا الاقتراح لأن أوضاع مصر معقدة جدا وقد اتّخذوا اتجاها سیئا تجاه إیران وهذا المقترح مستحیل فعلینا أن نصبر لتهدئة الأمور.
الدکتور علی عبدالله محمد المحمود
إنّ للإیرانیین صبرا عظیما فالحوار المستمر علی مدی 30 عاما مع العرب وقضیة الحوار مع مجموعة خمسة زائد واحد تنم علی هذا الصبر و هذا من مورثات الإیرانیین و لیست المورثات العربیة هکذا.

الدكتور خانيكي 
ولأجل التأكيد علي مقترح ممكن تطبيقه أشير إلي ملاحظه أبداها الدكتور عبدالجبار حيث أشار إلي أننا  بحاجة إلي عمل مؤسسي و تكوين التنظيم ولا الترکیز علی الأشخاص فحسب. و هذه المؤسسات لابد و أن تكون خارجة عن الدولة و بعيدة عن السياسة. فالحوار بين إيران والعالم العربي و بالتأكيد علی شخصية هيكل بما أنه لم يجعل نفسه حكراً علی مصر فلابد أن يكون خارجاً عن النظام السياسي و في إطار العمل المؤسسي. و كذلك أن تصبح القضية الفلسطينية محوراً فمن الأفضل ملاحظات المقترحات التطبيقية التالية : 
1 -  المجال العلمي :بمعنی إقامة العلاقات العالمية مع الشرعية الجامعية في العالم العربي و التعاون بين الجامعات. 
2- المجال الثقافي مع التركيز علی العمل الصحافي 
3- المجال السياسي كآخر خطوة  و في نهاية المطاف

 الدكتور فوزي 
أؤكد مرة أخری علی التجنب من النظرة الأحادية الجانب و الإلتزام بالوئام والانسجام  كما شاهدنا في تونس أن الوئام والانسجام في المجتمع المدنی مع الحكومة مكنها من الوقوف في خط المقاومة و رفض اتهام الإرهاب لحزب الله في لبنان. 
 الإجتماع الثاني 
العلاقات التاريخية والثقافية بين إيران و العالم العربي  تجربة لمحمد حسنين هيكل
أمين الاجتماع حجة الإسلام و المسلمين بهمن اكبري (الملحق الثقافي للجمهورية الإسلامية لدی عمان) 
إن محور هذا الإجتماع كالإجتماع الثاني هي العلاقات الثقافية. ففي الحوارات الثقافية إن العلاقات الأدبية هي من أهمها. فمن الجدير أن نشير بداية إلي الأدب الفارسي و الذي يبدو فيه جلياً انطباعات الثقافة و الأدب العربي بشکل واضح .كما يمكن أن نلاحظ  نفس الموضوع في الجانب العربي. فالشعر الملمع و هو مزيج بين الفارسية و العربية نموذج من هذا الامتزاج كما أنه أحياناً  نجد شاعراً قد أنشد مصرعاً من بيت شعر بالعربية و الآخر بالفارسية و هذا ينم عن العلاقة الوثيقة بين الأدبين . فهذه العلاقة عميقة و تاريخية و متزايدة.  فبهذا الاتجاه يبدأ هذا الإجتماع عمله بعنوان العلاقات و الصلات التاريخية و الثقافية بالتركيز علي دراسة شخصية هيكل كنموذج في هذا المجال .
الدكتور محمد أبو عاصي رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط من بلغاريا 
أشكر بداية إهتمام الجمهورية الإسلامية الإيرانية بشخصية محمد حسنين هيكل كما أقدم شكري لجامعة العلامة الطباطبائي لإستضافتها هذا الإجتماع المبارك . فمن  الصعب الفصل بين الحوار الثقافي و الحوار السياسي . فبين الثقافات المتباعدة  كالإسلام و المسيحية  قواسم مشتركة لكنها توجه بتقارب أشد بين الثقافة العربية‌ و الإيرانية و هما جارتان متلاصقتان إلی مدی أن الكثير من العرب لا يعرفون أن ذلك ‌الكاتب الشهير هو من أصول إيرانية فليس الاختلاف و الفارق بين الثقافات بل أقول بصراحة أنها في السياسة . تعالوا نتحدث في هذا المجال. فمن الخطأ الفادح الفصل بين الثقافة العربية و الفارسية و ليس صحيحاً إطلاقا . مع أن لنا تاريخا سياسيا مختلفا لكننا مشتركون في التاريخ الثقافي فالإختلاف يعود إلی السياسة و إنه بين الحكام و الحكومات و لا بين الشعوب . فمنذ بداية الثورة الإسلامية في إيران حاولت الولايات المتحدة الإمريكية و حلفاؤها خلق صورة مشوهة من الجمهورية الإسلامية الإيرانية بأنها تحاول تصدير الثورة و التشيع. فماذا تريد إيران تصديره؟  هل حاولت إيران أن تشيع العالم العربي ؟ فمن الطبيعي أن يعرض المذهب الشيعي ما لديه كما أن المذهب السني يقوم بنفس المبادرة و هذا من ميزات كل مذهب و ديانة. 
وهذا کان مألوفا عبر التاریخ. فهذا الأمر لا یسبّب مشکلة ولیس هذا بمعنی تصدیر الثورة و توسیعها. ففي الحقیقة نجد حکومات فی البلدان العربیة وهی ظالمة علی شعوبها تنهب ثرواتهم و ممتلکاتهم و تقف بجانب الکیان الصهیوني و أکثر من ذلک بأنّ البعض من هذه الحکومات تأسست لأجل الدفاع عن إسرائیل و دعمها. ولکن الثورة الإسلامیة ومنذ انطلاقها تعارض السیاسة الإمریکیة و کان من أبرز هتافاتها تحریر فلسطین. فإذا أردنا الحدیث عن هیکل فکان شخصیة سیاسیة ذات مبادئ و مواقف .کان یؤمن بأن ما یجري في العالم العربي یصب في مصلحة الکیان الصهیونی. عندما کان ملحا باللقاء مع السید حسن نصرالله لم یکن هذا اللقاء مجرد أمر عادی و مألوف بل کان من أجل دفاع حزب الله عن المقاومه کالصف الأول فی الکفاح مع إسرائیل. فإذا لم یکن حزب الله فالقضیة الفلسطینیة قد انتهت لحدّ الآن. فمن لا یعترف بذلک فهو ینکر الحقیقة. کان یعارض تسمیة حزب الله بالإرهابیین. کما أنّ منظّمة الأمم المتحدة تستحیی أن تدرج اسم حزب الله في قائمة المجموعات الإرهابیة. حالما کانت تحاول بعض الحکومات العربیة فی منطقة الخلیج مع بذل ما لدیهم من ثروات وأموال لأجل تعریف حزب الله کعصابة إرهابیة. و یمارسون الضغط بواسطة عملائهم علی حزب الله. إنّ عصابة داعش الإرهابیة قد تکوّنت بالأموال الخلیجیة و نمت. و إن المبدأ العقدي لهولاء هو الفکرة الإرهابیة فهي جذور داعش. فقد قتلت جبهة النصرة و داعش أکثر من ثلاثمئه و خمسین ألف إنسان في سوریا. لکن هذه الحکومات لاتعتبر جبهة النصرة و داعش من الإرهابیین. فلماذا یسمّون حزب الله بالإرهابی؟ لأنّ حزب الله وقف بجانب سوریا و المقاومة و قاتل داعش و جبهة النصرة. اذا لم یخض حزب الله الساحة فلم یبق في سوریا أحد من المسلمین أو المسیحیین. 
کان یعتقد هیکل أنّ جذور جمیع المشاکل وأساسها فی الیمن وسوریا والعراق و غیرها تعود إلی إسرائیل. إنّ مملکة العربیة السعودیة صرفت لحد الآن 25 میلیون دولار في الهجوم علی الیمن. فما الحاجة إلی ذلک؟ نعم إنّها مهمّة إمریکیه کلفت السعودیة وبعض البلدان العربیة بها. کیف یدعون مکافحة إسرائیل و عدائها و یقتلون الشعب الیمني والعراقي والسوري؟ إنّ هذه القضایا ترتبط بعضها البعض فالعدو واحد والعملاء مشترکون. إنّ هدفنا هو الحوار الثقافي.
یمکن أن یکون بیننا بعض الاختلاف لکن علینا أن نتحاور لأنّنا متحدون. فالیوم تبذل أموال طائلة و تمارس القنوات المتلفزة و الفضائیة نشاطاتها لأجل بثّ فکرة التّکفیر و نشرها لکنّنا نعرف جیّدا أنّ إیران لا دخل لها في إثارة الفرقة بین السّنة والشّیعة کما تهمّها الوحدة دوماً. إنّ إیران لا تتمتّع بالخلاف بین السّنة والشّیعة والصّراعات الطائفیة ولکن في بعض البلدان هناک من المفکّرین المزیفین باسم الانفتاح یؤیّدون التکفیر و یدعون إلیه. 

حجة الإسلام والمسلمین أکبري (أمین الاجتماع)
من النقاط الملحوظة في کلمة الدکتور یمکن أن نشیر إلی أنّ مبدأ الخلافات یوجد في الأمّة الإسلامیة و بشکل أصح في العالم العربي أکثر ممّا یوجد في إیران. فکما ذکرنا إنّ إثارة الخلافات سیاسیة و لیست ثقافیة وعلینا أن نحول دون تسرّبها في بیئة العلاقات السیاسیة بین الشعوب. 
الدکتور خورشا (عضو هیئة التدریس بجامعة العلامة الطباطبائي)
أنّ ما أتصوّره من مصر هو صورة شاملة من جمیع مراحلها من العهد الفرعوني والیهودي والمسیحی و الإسلامی والفاطمي والأیّوبي والمملوکي والعثمانی والباشائي والنجیبي والناصري والسّاداتي والمبارکي والمرسي والسّیسي فهی مصر الفکر والعلم والثقافة والفن والأدب وسائر المیزات والملامح التی تحظی بها هذا البلد.
فهی مصر الشعب و مصر عقّاد و مصر التّأویل والتّفسیر لکلمات الرّسول وصحابته. فمصر التی ظهر فیها هذا التّأویل بأن الحاکم والوالي اذا کان ظالما فلابد أن نتوب لأجله و لا أن نخرج علیه. فالمفکر المصري کان یصرّح بأنّ الانتفاضة و الثورة ضدّ الحاکم لا تجوز إلا بعد کفره. فمصر الأزهر ومصرالجهاد ومصر السلفیة ومصر الاعتدال والوسطیة و مصر التساهل والتّسامح ومصر الثقافة العامّة. فهل هذه المیزات لصالح مصر أو تضرّبها؟
هل هذه حصیلة انصهار المصریین في الثقافات الأخری أو فتح أبواب ثقافتها بمصراعیها علی الثقافات المستوردة. سنجیب عن هذا السؤال فیما بعد. نحن الیوم أمام شخصیة هو ولید هذه الثقافة والحضارة المتنوعة و توجد آراء و نظریات بخصوص هذه الشخصیة.
هو شخصية أثارت نقاشات متعارضة ‌فكانوا يتحدثون عنه في العهد الناصري بحيطة وحذر ومن بعد ذلك عرضه اليساريون كشخصية إصلاحيه كان حليفاً للديكتاتوريين و الليبراليون المصريون يعرفونه كشخصية معارضة للديموقراطية و الحرية الفردية. واليمينيون المتدينون يعتبرونه عدواً للحكومات الدينية .فأتباع جمال عبد الناصر الحداثويون كانوا يعتبرونه في عهد أنورسادات شخصية متآمرة‌. فالكل ينظر إليه من منظوره الخاص و كان ملتزماً بافكار جمال عبد الناصر و رؤاه حتي بعد رحيله . فكان يبرّر القرارات الخاطئة  لجمال عبد الناصر و يدافع عن مواقفه و لذلك البعض كان يعتبره متدخلاً و متوغلاً في المشاكل الموجودة‌ في الحكم الناصري .فالكثير لايميزون  بينه و بين الأنظمة الحكم  التي شارك هيكل فيها . لكنه من الجدير أن نلاحظ كيف نصدر الأحكام بخصوص الأشخاص .فهو كان من أبرز الشخصيات العربية‌ ذات جوانب متعددة و كان بارعاً و محترفاً في العمل الصحافي  والمراسلة. وكان من العباقرة ‌المهمة و الفعالة في منتصف القرن العشرين في مصر .فكان ضمن نظام يعتبر فيه من أقرب الأشخاص إلي رئيس البلد فكانا يتعاملان معاً و كان مطلعاً علی الأسرار الحكومة و أزماتها و في جميع ذلك كان بجانب جمال عبد الناصر و كان عارفاً بأكثر الشخصيات في ذلك الوقت . فكان له دور مستمر ومتواصل في الساحات الثقافية‌ و السياسية علی المستوی الداخلي و العالمي . فلم يكشف هذا النجم اللامع  في سماء الصحافة بالعمل الثقافي فحسب بل صار شخصية سياسية و ثقافية . وكان اديباً باحثاً‌ استقطب أدمغة المفكرين المصريين إلی جريدة الأهرام و كان يحول دون مبادرات الجهاز الاستخباراتی المصري ضد الكتاب في هذه المؤسسة فعندما كان يواجه البعض منهم الضغوط و التهديدات من أجل مقالاتهم و كتاباتهم  فكان يبذل جهداً واسعاً لتوسيع الحق و الفكر والمعرفة‌ في جريدته. وكان يؤكد علی العلاقات و التعامل الثقافي و الفكري بين الشعوب . أنا كنت في الجامعات المصرية و لفترة طويلة . فكنت أحاول تكوين جسور العلاقة بين طهران و القاهرة كما نتابع ذلك حالياً‌. فعندنا مجموعات من متعلمي اللغة الفارسية بمصر في مختلف المراحل الدراسية و يوجد مائة و خمسون أستاذاً للغة الفارسية في مصر فهي أرض خصبة لإقامة العلاقة مع إيران.
هناك الكثير من المخطوطات الفارسية‌ في مكتبات مصر وقد ألف كتّاب ايرانيون كثيرون عن مصر . ففي قديم الزمن حيث لم تكن هذه الحدود المختلقة لم تكن عراقيل أمام هذه العلاقات ولكن اليوم هذه الحدود تمنع وتحول دون هذه العلاقات .أوكد مرة ‌أخری علی ضرورة العلاقات الجامعية‌ والثقافية‌ بين إيران ومصر.

كلمة‌ السيد جودكي المستشار الإيراني الأسبق في مصر
 يقول الله عزوجل في كتابه: إنا خلقناكم من ذكر و أنثي وجعلناكم شعوباً وقبائلاً لتعارفوا ...إن هذه الآية الشريفة تشير إلي أن الهدف من الفوارق هو التعرّف والتعارف فيما بيننا لكن من المؤسف هذا التعارف لم يتم بيننا وبين العرب. نحن نعرف من مصر شخصيتين فقط وهما محمدحسنين هيكل وخالد الإسلامبولي مع مالهما من تأثير بالغ في تاريخ مصر الحالي .لكننا حتي بالنسبة إلي هاتين الشخصيتين لم نحظ بمعلوماتٍ شاملة .إن خالد الإسلامبولي كان إسلامياً سلفياً قام بإغتيال أنورسادات بسبب الإشكاليات التي وجهها إلی الرئيس المصري وتم إعتقاله و سائر زمرته وأعدم بعد ذلك .لكن الكثير من اعضاء هذه المجموعة قد تحولّوا من الجانب الفكري وكتبوا مقالاتٍ وكتباً أشاروا فيها إلي إعادة النظر في أفكارهم و معتقداتهم. ففي واحدة منها يصرحون بأن أنور سادات قد أستشهد .فهؤلاء وبعد خروجهم من السجون بتنحي الرئيس المصري حسني مبارك صرحوا بتصعيد لهجاتم ضد الشيعة. فهذا قسم من سلوك زمرة الجهاد.إن حسنين هيكل و في فترة تبلغ ستين عاماً كان علي صلة بإيران فتأليفه كتاباً بخصوص تأميم النفط الإيرانی قد أثر علي تأميم قناة السويس في مصر.  كان في العهد الناصري أربع مجموعات إسلامية :
1-الأزهر كرمز للإسلام التقليدي والذي كان یعتبر الحكومة المصرية مصداقاً لأولي الأمر فكان یدافع عن الشيعة بالمفهوم العقدي خلافاً لشيعة بالمفهوم السياسي .
2-الصوفية وهم متقاربون  من  الشيعه والسنة ولايتدخلون  في السياسه و نعتبرهم علمانيين. 
3-الإخوان المسلمون و هم قد قضوا فترات وحقب تاریخیة مختلفة منذ تأسيس هذه الجماعة من 1928 م وحتی الآن.و يبدو من مواقفها أنها لاتميل إلي مواقف إيران. 
4-السلفيون المصريون و لديهم مواقف متشددة ضد إيران سوآء في الجانب السياسي أوفي الجانب العقدي. فمجمل القول إن التيارات الإسلامية  في مصر لاتميل إلي إيران ولاتقترب منها. لكن الناصريين و بالخصوص أصحاب التنظير منهم مثل محمدحسنين هيكل قد خدموا إيران أكثر من الإسلاميين .كان هيكل يعارض أنور سادات  لكنه لم يتابع خطة الصراع العسكري معه .لقد تم اعتقال هيكل و كان عربياً واحداً يدافع عن موضوع التقليد مع أنه لم يكن عالماً إسلامياً .فقد أبدي ردّ فعله تجاه القضية الموهومه التي طرحها الملك الأردني بإسم الهلال الشيعي . فكان يعانی من الخلاف بين الشيعة و السنة كأكبر معاناة في التاريخ الإسلامي .نحن لم نكن تعرف المصريين كما أنهم لم يعرفونا .
لايجوز لنا أن نقوم بمبادرة علی أساس ما نجهله من الأمركما يقول الله تعالی:  ولاتقف ما ليس لك به علم .فعلينا أن نلاحظ أي واحد من هاتين الشخصيتين قدما خدمات أكثر لمصالحنا فيجدر بالتكريم .إن الخطاب السلفي اليوم واجه رداً عنيقاً  فلابد أن لا ندعمه.أما حان موعد استبدال اسم شارع خالد الإسلامبولي إلی إسم محمد حسنين هيكل بما لديه خدمات أكثرلأجل إيران و مصالحها؟

حجة الإسلام والمسلمين اكبري(أمين الإجتماع الثاني)
إن المحاضرين المحترمين قد تطرقا إلی قضايا مصر و قدمّا أبحاث قيمة مع أنها لو تطرح في الإجتماع التالي لكان أنسب و أجدر .علينا أن نخوض هذا المجال من منظار ثقافي .إن العلاقات الثقافيه ركيزة السلوك السياسي فعلينا أن ننظر إلي هيكل من هذا المنظور نرجو أن نبلغ هذا التعارف من الإتجاه نفسه كخطوة أولی و من ثم إلی التفاهم والتفاعل المشترك.  
ملاحظة للسيد تسخيري: 
لابد من التمييز بين الحقائق و الخدش للمشاعر. إن استبدال إسم شارع يستفز مشاعر المصريين .لا يجوز أن نواجه هؤلاء بردّ فعل يماثل مبادرتهم لأن ذلك يثير الحقد و الضغن لديهم .لإن الفرقة و الابتعاد بيننا ينفع إسرائيل و البلدان التي تمارس خطوات ضد الأمة الإسلامية . فمقترحي أن تتكون لجنة بحثية و فريق عمل يقوم بدراسة افكار و منهجية محمدحسنين هيكل و حصيلة عمله تتجسد في كتاب منهجي و مادة دراسیة لعرضها في الجامعات وبذلك يخلد ذكراه  ولا يسبب استفزاز مشاعر المصريين .

السيد صمدي خوشخو :
عندي تحفظ و إشكالية علي التصنيف المقدم من قبل السيد جودكي بخصوص التيارات الإسلامية. هذا التصنيف بحاجة إلي تعديل و تركيز أكثر. كما نعلم فإن الأزهر و في غضون الأشهر الماضية لم يدافع حتی عن الشيعة بالمفهوم العقدي .فقد أصدر أمراً بتصفية كتب الشيعة و أصبح رئيس جامعة الأزهر كرئيس للجنة المعارضة للتشيع فالأزهر لايدافع لاعن التشيع بالمفهوم السياسي و لا العقدي .
الإجتماع الثالث :
العلاقات السياسية بين ايران و العالم العربي رؤية محمدحسنين هيكل 
الدكتور صباح زنغنه (أمين الاجتماع  )

لايمكن لنا أن نخوض مثل هذه النقاشات وندعي أننا تعرفنا علی العرب و هم كذلك قياساً إلی المجتمع الإيراني  قد حصلوا علی وعي جدير وفهم عميق منا. نحن بحاجة إلی مؤشرات تحدد لنا الطريق و تمنحنا المعرفة أكثر .فيمكن أن تكون هذ المؤشرات بعض الشخصيات الذين خلّفوا أعمالاً. نعم من الواضح أن الفرد بوحده لایمثل مجتمعاً بكامله. لكنه يمثل قسماً وجانباً من ذلك المجتمع فشخصيته هيكل يمكن أن تساعدنا في هذا المجال أكثر من رمز و نموذج .فقد عاش قرناً كاملاً حافلا بالتطورات و النجاحات والخيبات .قد شهد الحروب والسلام والتيارات الفكرية الواسعة .فهو مرآة لمثل هذه الأحداث و التطورات العابرة. لم يكن مواطناً مصرياً فحسب مع أنه ولد بها و توفي فيها لكنه كان يحظی بمعلومات واسعة من العالم و مختلف البلدان .فقد ادّخر كنوزاً في ذاكرته و قلبه ونحن لو كنا مسايرين معه في آرائه أو معارضين لها نعتبره رمزاً مرموقاً في مصر و بجانب رئيس جمال عبد الناصر : نحن دخلنا اليوم مرحلة جديدة من التطورات العالمية و تعيش بلداننا هذه الأحداث إمّا كلاعب لأداء الدور فيها و إمّا كألعوبة فيها .أريد أن ألفت إنتباهكم إلی التحدیات المستقبلية لينظر الضيوف و الزملاء الأعزاء والخبراء إلی هذه الشخصیة من هذا المنظور .

الدكتور عدة فلاحي (الباحث الجزائري ) 
أشكر أمين الإ جتماع كما أشكر القائمين عليه وجامعة العلامة الطباطبائي و الذين قاموا باستضافتنا في الجمهورية الإسلامية الإيرانية .أنا جئت من بلد في شمال إفريقيا من الجزائر بلد التعددیة كتونس  وليبيا في المغرب العربي .ففي بلدي من المعروف أن نقوم بدراسة كل شخص حسب رؤيته و أفكاره .نحن في الجزائر لانعترف بشخصية أحد ولا ننبهر أمامه إلّا إذا عرفنا شخصيته .وكيف ينظر إلی القضايا صائباً كان في رؤيته أو مخطئاً .هذه الميزة توجد لدی الإيرانيين أيضاً ولاينبهرون بالأشخاص .وخاصة بعد الثورة الإسلامية .كما تعلمون فإن الجزائر كانت رائدة في تأييد الثورة الإسلامية والإعتراف بها وكان وزير الخارجية الجزائري أول من وفد إلي إيران.و أنا كنت آنذاك مستشاراً لوزارة الشؤون الدينية فأتحدث عن موقف خبير سياسي و دبلوماسي و لدي رؤية واقعية عن القضايا .التقي مولود قاسم في رحلته إلي إِیران بعد الثورة الإسلامية بالإمام الخميني وأجری معه حواراً فقد تحدث في هذا اللقاء باللغة الفارسية و تحدث الإمام الخميني باللغة العربية و هذا يدل علي ترحيب المتبادل بين الجانبين. 
قال بعض الزملاء أنه لايوجد اختلاف في الثقافة بين ايران و للعالم العربي .نعم هناك فوارق و اختلاف و هذا من الطبيعي .هناك اختلاف في وجهات نظري بالنسبة إلي الواقعية في انتماء محمدحسنين هيكل وفي عمله الصحافي مع سائر زملائي .
لأنه و في فترة زمنية حسب معلومات خاطئة كاد أن يوتّر العلاقات بين الجزائر و المغرب فليس من الصحيح أن نعتبره معصوماً في أعماله بالكامل .كذلك لا أعتبر جميع الأحداث التي تعتبر فوزاً لجمال عبد الناصر ولهيكل فوزاً وانتصارالهما .فقد مدح عبدالناصر كثيراً . يمكن أن لا يوافقني الحضور في هذا الرأي .فعلينا أن نعيد النظر في مقالاته و كتاباته .مع ذلك كله فإن الرئيس الجزائري بوتفليقة أصدر بياناً عزّی فيه هذا الرحيل لأجل موقفه من المقاومة والمعارضة لإسرائيل .إن الجزائر تمارس عليها الضغط و لأجل دعمها و تأييدها للمقاومة.
فالآن هناك علاقات وطيدة بين وزارة الشؤون الدينية والجهات المتماثلة لها في إيران .كنت قد رافقت الوزير الجزائري في رحلته إلي إيران و بسبب المحادثات الطيبة التي جرت في اللقاءات طلب الوزير مني أن أكون مأموماً بدلاً من الإمام في الصلاة .أقصد تركيزي علي أهمية موقف مسؤول كيف يكون مؤثراً. هناك الكثير من الدوائر في وزارة الاوقاف وخارجة عن نطاق وزارة الثقافة يمكن لها التعاون مع مثيلاتها في الجمهوريه الإسلامية الإيرانية بعيدة عن القضايا السياسية.
اما بالنسبة إلی ما أشار إليه بعض المحاضرين بخصوص تصريحات شيخ الأزهر فلابدّ من القول أن مثل هذه التصريحات قد أثرت علی الكتاب و العلماء فكيف بالسياسيين فقال أحد المصريين رداً علی هذه التصريحات من الجدیر أن یبذل شيخ الأزهر أوقاته في دراسة كتب داعش ولا كتب  الشيعة. كان مالك بن نبي من المفكرين الجزائريين والذي كان يتابع التقريب بين ايران والعالم العربي، كما كان يتابع ذلك بين المذاهب الإسلامية‌و قد تعرض في ذلك لضغوط كثيرة و اتهموه بالتشيع لكنه كان يهدف التقريب بين الرؤي و الأفكار .فإذا ركّزنا علي أطاريح لدراسة  شخصیةمالك بن نبي سينفعنا جدّاً .مع هناك آراء بخصوص شخصية هيكل لكنه جدير بالإهتمام.

الدكتور صباح زنغنه ( أمين الإجتماع الثالث ) 
أنا أوافق رأي الدكتور فلاحي بأن لكل بلدٍ مواصفاته الخاصة و نحترم هذه الميزات .كان لي لقاء مع مجموعة من الشخصيات المرموقة الجزائرية و أؤكد علی أنه من الجدير التجنب عما يثير مشاعر المسلمين و يستفزهم. 
الدكتور قهرمان سليماني( مساعد الشؤون البحثية و التعليمية لرابطة الثقافة و العلاقات الإسلامية )
عندي عدة ملاحظات أحاول عرضها علی الحضور .نحن عايشنا عالماً متأزماً و مشحوناً بالأحداث أكثرمن نصف قرن .
كان لهيكل شخصية فعالة و مؤثرة وكان معماراً لعقليتنا و رأينا .
ففي الثورة الإسلامية كان لنا الاستلهام الواضح من فكرته و آرائه .فنحن رهينون له . فأهمية هذا الإجتماع تعود إلی ملا حظة مدی سيطرة المسلمين علی البیئة الإعلامیة.فهذه الاجواء قد غلب عليها الأجانب و كان هيكل يحاول سدّ هذا الفراغ مع ماله من الأخطاء .أمّا اذا قارننا بين مبادراته وأخطائه فتتأرجح کفة آثاره الإیجابیة علی الأخری. 
الملاحظة الثانية أن هيكل ومن حسن حظنا قد عاش في هذا القرن الراهن فقلّما نجد أحداً يواجه مثل هذه التطورات و الأحداث التاريخية.   
فقد شهد الإنتفاضات اليسارية و العربية و الصراع العربي الإسرائيلي و إتفاقية كامب ديفيد و تكوّن التيارات الإسلامية و غيرها .فتعلمنا من هذه الأمور درسين مهمين:
أولاً : الإعتدال في المنهج.فكان معتدلاً و ذا إنصاف مع أنه لم يكن معصوماً لكن معدّل أعماله جديرة و قيمة .
وثانياً : عندما كانت الأمور رهن التطور والتحول فقد بقي كمراسل عربي و لم يتحول. فقدحافظ علی استقلالية فكره و ضميره. فلقد أثر علي عالم الأفكار في عصره .
والملاحظة الأخری منظوره تجاه إيران وإهتمامه بها .كان يعرف جيداً  أن نهضة ستنبثق من صميم هذه الثقافة و لذلك كانت تهمه قضايا إيران و أحداثها .كان صوت ثقافة .وكان منصفاً و عادلاً ومستقلاً في رأيه فنقف قياماً لأجل إحترامه. 

الدكتورة أشرف بروجردي: 
هذه فرصة ثمينة أتیحت لقرائة جديدة بخصوص هيكل .لقد أشار الدكتور سليماني إلی ملاحظات جديرة و هامة .كان هيكل يحاول أن يعرض مصرفي مختلف المجالات علی مستوی العالم الإسلامي والعالم البشري بأسره. لكن مع الأسف وبسبب الظروف السائدة آنذاك لم يبلغ طموحاته بالكامل .كان لي دراسة لآرائه في جريدة الأهرام .فقد قمت باستلاب واحد أو إثنين من آرائه .ليساعدنا في التعرف علی معرفة شخصيته .فكان يقول إن ساحة السياسة ستشهد ثلاثة مشاريع و نصف مشروع .
فالمشروع الأوّل هوالغرب وهو ملم بالأمر ولديه إمكانياته اللازمة والمشروع الثاني ما يتعلق بالأتراك و هو طموحاتهم البعيدة والمشروع الثالث للإيرانيين الذين يرصدون التطورات عن بعد. ونصف المشروع  هو ما يرتبط بالكيان الصهيوني .فحسب رأيه هذا نصف المشروع خطير جداً لكن لا يحظی بنجاح في المستقبل لأنه كان يعتقد أن إسرائيل خداع بصري و سراب بقيعة .و قد حدث هذا الفراغ بسبب إنهيار القوميّة العربية و خدعتهم.أما ففي المشروع الأول إن الغرب يحاول أن يحوّل المنطقه إلي ساحة الصراعات الطائفیة بين المسلمين سنة وشيعة . وقد تابع ذلك بعد إنهيارالنظام الملكي في إيران .فيعتقد أن أتباع هذا المشروع لم يواجهوا مشكلة بالتجاوب مع الملك  الإيراني البائد .فهو يصرّح أننا أمام تصنيف و انقسام جديد في العالم العربي و هناك مخططات قيد الإنشاء و التكون.فعلي هذا الأساس يحاول أن يقدم صورة من العالم الإسلامي مكوناً من تركيا و العالم العربي و إيران .ویستمر في تصريحاته و يقول إن القومية العربية فقدت مكانتها مع أنها تمكنت  من طرد الإستعمار لكنها تزامنت مع تمزق الإمبراطورية العثمانية .و نحن من المنظرين و قد إجتمعنا أن نخطط مسارات أفضل .فعلی أساس الآية الشريفة التي تقول :تعالوا إلي كلمة سواء بيننا و بينكم أن لا نعبد إلا الله و لا نشرك به شيئاً .مع أن المخاطب  للآية أهل الكتاب لكنها خير مثال للدعوة إلي التقارب. فلنا قواسم مشتركة مع العرب و بالإعتماد عليها يمكننا أن نرسم مستقبلا ً أفضل .
الدكتور دهقان رئيس الدائرة الأولی للشرق الأوسط في الخارجية الإيرانية
أشكر كلا من الدكتور صباح زنغنه و المشاركين في هذا الإجتماع . أود أن أشير إلی ملاحظة من جانب آخر و أحاول الاختصار في حديثي .كان لهيكل انجازات ناجحة فمن جملة حظوظه طول عمره إضافة إلی عشرات الكتب و المقالات والمقابلات التي قد حظي بها و كانت تعتبر من آثارها القيمة .فملاحظتي أن لهيكل معرفة واسعة و دقيقة بالنسبه إلی مصر و العالم الإسلامي كما كان له معرفة جديرة بإيران و قضاياها فقد أجری مقابلة مع الملك الإيراني و الإمام الخميني (ره) فكان له أدق تحاليل بالنسبة إلي أحداث إيران .
فالنقطة الجديرة بالإهتمام أن هناك الكثير من المسؤولين في العالم العربي يطرحون سؤالاً و هو أنكم رغم خلافاتكم مع الغرب تمكنتم من الحوار معهم فلم لا يمكنهم ذلك في المنطقة ؟ فالمشكلة عدم معرفتنا للجانب الآخر .لا نجد الجانب الرئيس في العالم العربي لنتابع الحوار معه. نحن نبحث عن هذا الطرف والجانب الأصيل والرئيس .فعلی سبيل المثال السعودية لاتبادر بالحوار معنا .كان هيكل يصرح بأن الغرب و إميركا يقومان بالتخادع في العالم الاسلامي و الإستفزاز فيه .هذا ما ينم عن أصالة الرأي لهيكل .وليس هذا بمعنی أنه كان صائباً في  جميع مواقفه .هو لم يكن سياسيّا و ثقافياً‌ بحتاً بل كان شخصیة شاملة. و الجانب الأخر الابداع و الابتكار المستمرّ في آرائه .فأصرّح علینا أن نؤكد دوماً علی ايران و تركيا و مصر و هي البلدان التي كان هيكل يؤكد دوما ًعليها. 
قراءة البيان الختامي للمؤتمر :
البيان الختامي للإجتماع المنعقد لدراسة آراء و أفكار محمد حسنين هيكل
إن الإجتماع المخصص للتكريم محمد حسنين هيكل و دراسة آرائه و أفكاره تمّ انعقاده في 12/5/2016 بحضور عشرات من الأساتذة و الطلاب و المثقفين في جامعة العلامة الطباطبائي بطهران.ولقد تم إقامة‌هذا الإجتماع بهدف تكريم شخصيّة و دراسة آراء و أفكار هذا المفكر المصري وخلق مسار لإقامة المؤتمرات التسلسليّة والمستمرة لتكريم جميع الشخصیات من المفكرين الإسلاميين في العالم الإسلامي والذي يدعم مسار توسيع ودعم التعامل والتعاون الفكري و الثقافي بين أمتنا الإسلامية .
1-    نشكر رئيس جامعة العلامة الطباطبائي و الأساتذة لكلية الآداب واللغات الأجنبية والمعنين فيها لأجل إستضافتهم .
2-إن المشاركين في هذا الإجتماع قدّموا تكريمهم للمرحوم محمدحسنين هيكل كرمز و ممثل للتعاون الفكري والثقافي في العالم العربي. فكان دوره كمفکر في الصحوة للمجتمعات الإسلامية و بين نخب العالم العربي بخصوص إيران و الثورة الإسلامية دوراً ايجابياً معتمداً علی علاقة منبعثة من التفاهم والإحترام المتبادل بين المجتمع العربي و المجتمع الإيراني و لأجل إيقاظ الجماهير العربية حيث أن مبادراته في هذا المجال فريدة من نوعها.
3-إن التحديات النابعة من التطرف في المنطقة والظروف المعقدة السائدة علی العالم الإسلامي توكد ضرورة العلاقات الفكرية والثقافية أكثر من ذي قبل بين الشريحة المثفقة‌ في إيران وشريحة النخب في العالم العربي. 
4-إن تربية النخب الثقافية ودعم التيار الاعتدالي والعقلاني تقتضي تكريم الشخصيات الفكرية المرموقة و العباقرة في المجتمع الإسلامي بشكل جدير ومناسب. و لذلك تم القرار أن يختار عدد منهم سنوياً ممن بذل جهداً في دعم العلاقات و الصلات الفكرية و الثقافية في الأمة‌الإسلامية و من ثم تكريمهم و تبجيلهم .
5- تم القرار علی أن تؤسس الأمانة العامة‌بشكل منسقق بعنوان الأمانة العامة للحوارات الثقافية‌ بين إيران و العالم العربي لتتابع عملية الحوار الثقافي بين الشعبين و في إطار العلاقات المنسجمة‌ والمتواصلة بين النخب الجامعيين و المنتديات العلمية والإجتماعية‌ .
6-تم القرار علي إصدار فصلية بخصوص التفاعل الفكري  والثقافي بين إيران و العالم العربيي بهدف بث فكرة الاعتدال و توفير التعاون الفكري البناء بين النخب الإيرانيين و العرب. 
7-و لأجل التساند الفکري والتفاعل المباشر بین النخب الفکریة والثقافیة لإیران و العالم العربي من الضروري إقامة أول مؤتمر للحوار الثقافي بین إیران و العالم العربي في بدایة العام المیلادي الجدید.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمین
 
منبع: دبیرخانه مجمع اندیشمندان ایران و جهان عرب
 
امتیاز دهی
 
 

خانه | بازگشت |
Guest (PortalGuest)


Powered By : Sigma ITID