مؤتمر الحوارات الثقافية بين ايران والعالم العربي - اعداد الدكتورة / طاهرة عبدالخالق اللواتي - اعلامية وكاتبة عمانية - مسقط / سلطنة عمان     إن وسائل الاعلام من صحافة واذاعة وتلفزيون نقلت العالم نقلة نوعية، فقد اصبح العالم يعيش الوقائع يوما بعد يوم بسبب تناقل الصحف والاخبار والبرامج. وقد اكتمل ذلك مع الفضائيات، فخرجت وسائل الاعلام من المحلية الى العالمية، فتقاربت المسافات ولم تعد الحدود الجغرافية والمكانية تمنع الفضائيات عن ان تصل الى عقل المستمع والمشاهد في أي وقت وأي بقعة على الكرة الأرضية مقدمة 
      إن وسائل الاعلام من صحافة واذاعة وتلفزيون نقلت العالم نقلة نوعية، فقد اصبح العالم يعيش الوقائع يوما بعد يوم بسبب تناقل الصحف والاخبار والبرامج. وقد اكتمل ذلك مع الفضائيات، فخرجت وسائل الاعلام من المحلية الى العالمية، فتقاربت المسافات ولم تعد الحدود الجغرافية والمكانية تمنع الفضائيات عن ان تصل الى عقل المستمع والمشاهد في أي وقت وأي بقعة على الكرة الأرضية

ضخ المليارات في الإعلام 
قال المشهداني في دراسته تحت عنوان «دور الإعلام في صناعة القرار السياسي» بالولايات المتحدة الأمريكية  : " إن أضخم جهاز إعلامي ودعائي اليوم على الإطلاق وبلا منازع هو الجهاز الإعلامي الأمريكي، لأسباب تتعلق بالاقتصاد الكبير الذي تتمتع به الولايات المتحدة الأمريكية، وللميزانيات الضخمة التي ترصد لوسائل الإعلام الأمريكية وللدور السياسي الذي تضطلع به واشنطن وسوق الأخبار الهائل ...والدليل على حجم تلك المكانة هو الميزانية المالية السنوية الضخمة لمؤسسة إعلامية واحدة، هي صحيفة الواشنطن بوست، التي تبلغ ما يزيد على ملياري دولار سنوياً.  ويقدر عدد مستمعي إذاعة صوت أمريكا يومياً ب120 مليون مستمع . فهي تبث بحوالي 47 لغة، ويقدر عدد مستمعي قسم الإذاعة العربية لصوت أمريكا، في العالم العربي وحده 7 ملايين مستمع في العالم العربي."
      أما الفضائيات التي انطلقت كالمارد من القمم بفعل البث الفضائي، فان واحدة منها فقط وهي قناة «سي ان ان» الأخبارية الدولية للبث التلفزيوني المستمر والمجاني للجمهور. وتعود ملكية القناة لـ Turner Broadcasting System، فهي فرع تابع لشركة تايم وارنر. وهي تعتبر اهم قناة في مجموعة قنوات سي ان ان الكثيرة. تيد تيرنر أنشأتها في عام 1985 وتبلغ ميزانيتها السنوية نحو 650 مليون يورو، حاليا هناك خمسة نسخ أو إصدارات من سي إن إن الدولية، سي إن إن الدولية أوروبا / الشرق الأوسط / أفريقيا (مقرها في لندن)، سي إن إن الدولية آسيا والمحيط الهادئ (هونج كونج)، سي إن إن الدولية شبه القارة الهندية (هونج كونج)،  سي إن إن أمريكا اللاتينية الدولية (اتلانتا) و سي ان ان الدولية أمريكا الشمالية (اتلانتا ).ولم تكتف الولايات المتحدة بهذه القناة فأطلقت شبكة قنوات الحرة التي تبلغ ميزانيتها حاليا مئات الملايين من الدولارات، بعد أن بدأت ميزانية القناة برقم 60 مليون، ثم قفز الرقم بعد قليل من الاعوام الى 128 مليون دولار. 
     أما مجموعة بي بي سي البريطانية فقد أنشئت في العام 1922، وتبث بأكثر من 33 لغة، ولها 44 مكتبا حول العالم مع شبكة مراسلين ضخمة جدا، وتقدر ميزانيتها السنوية بأكثر من 5 مليار و166 مليون باوند استرليني، ويعمل بها حوالي 21 ألف موظف، وتستقطب برامجها أسبوعيا -حسب دراسة دولية أجريت عام 2007 وشملت مئة دولة- نحو 233 مليون شخص، من ضمنهم أغلب أصحاب القرارات المؤثرة دوليا. ونتذكر دور إذاعة البي بي سي كمصدر المعلومات الوحيد والمهم والرئيسي لآبائنا وأجدادنا، ومدى اعتمادهم على أخبارها بأكثر من الاعتماد على الاذاعات العربية والمحلية .

اعلام عربي مجير وموجه
  قال توماس جيفرسون في عام 1787: " إذا ترك لي حرية تقرير ما إذا كان يجب أن تكون لنا حكومة بدون صحف، أو صحف بدون حكومة، فأنني سوف لا أتردد لحظة واحدة في أن أختار الوضع الثاني ." لذا فإن سياسات الدول الكبرى بنيت على الضخ المالي الهائل في الاعلام بانواعه الصحف والاذاعات والقنوات المحلية والفضائية الدولية وبجميع لغات العالم وخاصة اللغة العربية . فقد كان من نتيجة ثورة الاعلام التقليدي من صحافة واذاعة وتلفزيون وفضائيات ان الرأي العام صار هدفا للتفاعل الاعلامي وتوجيهه، فاصبح الاعلام التقليدي سلطة رابعة الى جانب السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية  في أي بلد، وصار الاعلام قوة لايستهان بها لتشكيل الرأي العام داخل البلد أو خارجه 
   أما قنوات الجزيرة والعربية، والتي تعتبر امتدادا طبيعيا وحقيقيا للاعلام والسياسات الغربية الموجهة للعرب لتشكيل رأي عام كما ترغب به الولايات المتحدة والدول الغربية، فإن تمويلها ضخم جدا، يأتي من جهات عديدة سواء حكومات الدول التي تتبناها أو من وكالات الاستخبارات الأمريكية والغربية، فمطبخ هذه القنوات وتوجيهها غربي، وقد ضخت في قناة الجزيرة قبل سنوات حوالي 400 مليون دولار الى جانب ميزانيتها، وذلك لتنشيطها أمام منافسة القنوات الاخبارية العربية الأخرى  . وكذلك تعتبر قناة العربية مشروعا مكلفا، مع اعتراف «إم بي سي» أنها تخسر منذ إطلاق قناة العربية، علي الرغم من أن العربية تدعي جذبها إعلانات أكثر من الجزيرة بثمانية أضعاف. وكما قال عبد الرحمن الراشد مدير قناة العربية السابق لصحيفة فاينانشال تايمز: «إذا كنت تريد أن تعتمد قناة إخبارية علي نفسها لتواصل العمل، فهذا يعني بالتأكيد أنها ستواجه صعوبات كبيرة في السوق». وأضاف انه اذا نظرتم الي قناة العربية، فإنها بدون دعم «إم بي سي» تعتبر خاسرة، وليس مجرد أي خسارة، بل يجب أن ننتظر 10 سنوات أخري قبل أن تربح شيئا بنفسها.
   أکد المشهداني في دراسته أن المؤسسات الإعلامية الأمريكية العملاقة تتمتع بقوة هائلة إلى الحد الذي يمكن لمالكيها من كبت الأصوات المعارضة ووجهات نظر الأقلية. ولما كانت الديمقراطية تقوم على أساس مبدأ الرأي والرأي الآخر الذي تم استبداله من قبل هذه المؤسسات بمبدأ القوة تكبح القوة  وتساءل عما إذا كانت هذه الوسائل الإعلامية خاضعة لسيطرة الاحتكارات الأمريكية العملاقة، والربح والمصالح هو هدفها الرئيس فهي بذلك لا يمكن أن تتعرض بصورة حقيقية لهذه المصالح، أو الاستغناء عن الربح أي باختصار هل يمكن لوسائل الإعلام أن تنقل أخبار الأحداث والقضايا بصراحة واعتدال وموضوعية ؟  أم أنه بالإمكان أن تحف المخاطر بالدور السياسي الحيوي الذي تضطلع به هذه الوسائل لخدمة المصالح الأمريكية؟  ان الجواب  للأسف واضح من خلال ما مارسته وتمارسه وسائل الإعلام من ممارسات وأدوار لخدمة المصالح الأمريكية بالدرجة الأساس وهذا ماشهدناه ونشهده على الساحات العراقية والسورية واليمنية والليبية وساحة العلاقات العربية البينية والعلاقات الايرانية العربية، فقد تم استبدال العدو الصهيوني التقليدي العرب بايران كعدوة رافضية مجوسية ؟!! وأنها أخطر من الصهيونية ؟!! كما هو واضح من البث الاعلامي لوسائل الاعلام العربية وغير العربية الخاضعة للهيمنة والتوجيه الامريكي والغربي .

تجييش وسائل التواصل المجتمعية:
   ومع استمرار ثورة وسائل المعلومات ودخول الالفية الثالثة ظهر مايسمى بوسائل والمواقع التواصل الاجتماعي (الفيسبوك وتويتر واليوتيوب والواتساب والانستغرام وسنابشات وغيرها)، فقد جعلت واتاحت لكل فرد ان يكون اعلاميا عبرها .وهذه الاتاحة اطلقت قوة كبيرة للاعلام ومنحته سلطة اكبر في توجيه الرأي المحلي والدولي وصناعته . وتتسم شبكات التواصل الاجتماعي بأنها شبكات عالمية فرضت نفسها - وبقوة - داخل المجتمعات العربية خاصة في السنوات العشر الأخيرة، وذلك لأن أغلب تلك الشبكات متاحة للجميع وبالمجان ولأنها صممت أساسًا لتكون سهلة الاستخدام وبدون تعقيدات، ولأنها عملت على تكوين مجتمعات افتراضية جديدة جمعت لأول مرة بين النص المكتوب والمقطع المرئي وهذا ساعد في تحويل المستخدِم لها من متلقٍّ للمعلومات كما في وسائل الإعلام التقليدية، إلى منتِج للمعلومات ومشارك فيها.
  قال د. يوسف الرميح :" وتذكر التقارير بأن 80 % من الذين انتسبوا الى تنظيم داعش تم تجنيدهم عبر وسائل التواصل الاجتماعي، ويذكر كذلك أن السعودية جاءت في المركز الأول في الشرق الأوسط في انتشار واستخدام شبكات التواصل. ومما لا شك فيه انه ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي فقد بات من السهل أن يتطرف الشاب وهو في غرفة نومه، ومن خلال هاتفه الجوال. فانتشار الفكر المنحرف المتشدد والفتاوى الضالة، بفعل الانفلات الإعلامي بسبب ازدهار وسائل الاتصال الجماهيري.  وهي تقلل العبء المادي، حيث إن الاعتماد على آلية منخفضة التكلفة يتيح نشر المعلومات عن التنظيمات، وكيفية التواصل مع أعضائها، بالإضافة إلى إتاحة تدفق المعلومات وتسهيل تشكيل المجموعات وتقليل تكلفة تجنيد الأعضاء وإيجاد حوافز حماسية للمشاركة. وهي تدعم وتعزز وجود هوية جماعية و إحساس وانتماء بين أفراد المجموعة الواحدة، حيث تربطهم قضية واحدة، وهدف مشترك، وقيم متماثلة. وتعمل على إيجاد مجتمعات للتواصل الإلكتروني يتشارك أعضاؤها بالأفكار والنقاشات، وتتيح تأسيس علاقات واسعة، وتُمكن من قيام علاقات وجهاً لوجه، على الرغم من بعد المسافات الجغرافية."
كشف د. مارك توين  أستاذ السياسة بجامعة "توبنجن" في ألمانيا والباحث في شؤون الخليج والحائز على شهادة الدكتوراة في دراسة القمع السياسي في البحرين مؤخراً، عن أن 51%‏ من الحسابات في موقع "تويتر" التي تحشد ضد عالم الدين البحريني آية الله الشيخ عيسى قاسم هي حسابات مستأجرة وأوتوماتيكية تنطلق من احد الدول العربية وتعتمد أسلوب داعش نفسه.
   قال "مارك أوين" على موقعه انه ما عليك الا البحث عن عيسى قاسم في توتير لتدرك حجم المؤامرة. وأوضح أن الحسابات، والتي كانت تغرد بآلاف التغريدات بل من المحتمل ملايين التغريدات، كانت تحمل "مفردات ضد الشيعة و ضد ايران متعرضة إلى طريقة وجودهم و هذا يرجح ان هذه الحسابات تستخدم من قبل مؤسسات وأفراد و جماعات من أجل ترويج الطائفية." وقال في مقال مدعم بإحصائيات وبيانات: اليوم أردت أن أعرف ما إذا كانت الحسابات البالغ عددها 1800 مجرد لقمة جبل الجليد "اي بداية المشكلة الخفية" أو لا، و كان لدي إحساس أنها كذلك." وأردف: كالعادة ذهبت إلى هاشتاغ #Bahrain واطلعت على تغريدات غير معادة التغريد وفي ذات الوقت متكررة في حسابات كثيرة والتي تكون مقطوعة وملصوقة في حسابات كثيرة. وتابع "أوين": من الملاحظ أن هذه التغريدات التي تغرد من جهة واحدة و لكن من حسابات متعددة تعادل 15% من التغريدات على #Bahrain  حيث هذا الهاشتاق يحتوي على عدد كبير من التغريدات الطائفية التي لوثته، والتي تحتوي على خطابات كراهية. واعتمد أيضاً في البحث على كلمات مفتاحية تستخدم بكثرة لبث الكراهية مثل المجوس والفرس. وأوضح أن كل الحسابات تم إنشاؤها في أيام متتالية وتغريداتها في وقت محدد و تم اختبار 100 حساب من أصل 1387 حساب 10 منهم فقط حسابات قانونية ولا زال بعضها يعمل.وأشار إلى أن هناك حسابات تغرد بوتيرة كل أربع ثوان بتغريدتين في ثلاث مرات،والحسابات الاخرى تتبع ذات التكتيك الأوتوماتيكي. ودعا الباحث الألماني شركة تويتر وصانعي القرار إلى أخذ الحيطة من هذه الحسابات منوهاً إلى أن هذا الأسلوب نفسه يُستخدم من قبل داعش.

سوريا نموذج للتجييش الاعلامي 
  اذا أخذنا سوريا كنموذج للتجييش الاعلامي الخارجي سواء القنوات الفضائية أو الاذاعات أو الصحف أو وسائل التواصل فسنكتشف مدى الكذب الاعلامي الذي مورس ليل نهار لقلب الحقائق في سوريا، فأصبحت معظم الشعوب تصدق ما يدعيه هذا الاعلام من أن الحاكم الدیکتاتور وجيشه يقضيان على ثورة  الأمة السورية وشبابها، يقول الكاتب السوري "نارام سرجون" في احدى مقالاته عن أحداث سوريا وعن سكوت الاعلام السوري وعدم تحركه بالطريقة الاعلامية المناسبة : " ومع ذلك بقيت الرواية السورية الرسمية لأحداث حماة صامتة وفي صمتها تقدم ادانة لنفسها وكأنها تخشى الاعتراف أو فتح ملف تلك المرحلة، الى ان وقعت المواجهة الكبرى وعلى مساحة الوطن في ماسمي الثورة السورية، وهي نسخة كبيرة عما جرى في حماة في الثمانينات،  ودخل الاسلاميون جميعا المعركة وخلفهم العالم كله تقريبا، واعادوا نفس السيناريو، القتل والذبح والفتاوى التكفيرية، وأطلقوا نسخا متعددة أكثر دموية مثل النصرة وداعش وجيش الاسلام . ولكن رغم كل مافعلوه وصوروه ووثقوه من ذبح ونهش قلوب وحرق وسبي ومجازر واعدامات وتسببوا بموت عشرات آلاف السوريين بكل الوسائل البشعة وتسببوا بمصائب وكوارث واثمان فادحة للوطن،الا ان سرديتهم وروايتهم عن الأحداث هي السائدة، فهم ومعهم العالم وكل الاعلام العربي والنفطي لايزالون يرددون نفس القصة عن أظافر أطفال درعا التي لم يباشر الرئيس لمحاسبة ضباطه الذين ارتكبوها ولم يستمع الى مظالم الناس، وعن متظاهرين سلميين لايملكون ابرة في ايديهم قتلوا في الطرقات بهستيرية الحل الأمني، وبعضهم اقتلعت حنجرته، وبعضهم طفل قطع عضوه الذكري للتشفي من رجال سورية، وعن النظام الذي نسف الشوارع، والنظام الذي أطلق الاسلاميين لأسلمة الثورة المدنية الراقية، وخلق داعش، وعن النظام الذي يتآمر مع الغرب على الشعب السوري، والنظام الذي تريده اسرائيل وتتمسك به، والشيعة الذين يقتلون أهل السنة، والمشروع الصفوي والهلال الشيعي ..."
  اضاف  الكاتب نارام سرجون  عن نقطة أخطر من النقطة السابقة نقطة تخص المستقبل وكتابة التاريخ المزور، فيقول :" قلبي على أولئك المؤرخين الذين سيأتون بعد سنوات أو عقود للبحث في تاريخ هذه الايام لأنهم سيكونون امام معضلتين كبيرتين جدا، الأولى أنهم لن يجدوا من يقرأ لهم، لأن كتب اليوتيوب هي التي ستكون مصدر العلم التاريخي للقادمين بعدنا.  ولكن أصعب ماسيواجهونه هو فصل الحقائق عن التزوير، لأن سردية المعارضة المظلومة ورواية المشايخ ومحطات النفط هي التي تغزو اليوتيوب ويصبح من العسير على كل متابع ان يرى الحقيقة خاصة ان من انضم الى هذه الجوقة هي صحافة الأفعوان الخبيثة في الغرب ووسائل الاعلام المغرضة التي سردت الحكاية السورية وثبتتها في اليوتيوب كما الكلام المقدس المغلف بالوعظ والدمع والدم، رواية كما لو ان كاتبها هو تيودور هرتزل.."
   أشار الكاتب قائلا : من جديد، المستقبل قادم، والجيل القادم لن يقرأ كتب التاريخ والأبحاث الرصينة بل سيقرأ الفيسبوك واليوتيوب، وكما نعلم من تقارير موثوقة الآن بأن هناك كتائب من كتبة الفيسبوك والتويتر وشبكات التواصل واليوتيوب تحركها أجهزة المخابرات لادراكها لأهمية هذه الوسائل في نشر الشائعات وتغيير القناعات، وهؤلاء بالآلاف تدفع لهم "بعض الدول المحلية" ودول الغرب، بل ان بريطانيا وحدها خصصت مئة مليون جنيه استرليني لتقديم مساعدات (لاانسانية) تمثلت في مكاتب اعلامية تابعة للجيش الحر ولكن تشرف عليها المخابرات البريطانية التي جندت لهذه المكاتب مئات الموظفين والصحفيين والشباب المواليم للاسلاميين الذين تسميهم بالمستقلين، وظهر منهم الخوذ البيضاء وأسطورة بانا وأمها، وهناك مئات ملايين الدولارات تدفع لأشخاص يكتبون كل القذارات والفبركات والشهادات الكاذبة ويصورون اليوتيوبات ويعيدون بث برامج الدعاة والمشايخ لتنتشر على أوسع نطاق وتنشر معها هذا الفساد الديني والتردي الاخلاقي والوطني، ولكن كل هذا سيكون للجيل القادم وثائق وصورا تزيد من تشويش الناس، وتصبح حكاية الصمود السوري مشوهة وتصبح أكاذيب الثورة السورية راسخة في الأذهان كالهولوكوست لايقدر أحد على تغييرها وربما تصدر قوانين تشبه قوانين انكار الهولوكوست التي تجرم من ينكر الهولوكوست او يشكك به.
   انها معضلة كبيرة، فصمت الاعلام الحقيقي، أو نقص وجوده وعدم بيانه للحقائق سيكون سببا لكتابة تاريخ مزور عن سوريا وغير سوريا وما يجري على اليمن وليبيا ولبنان والعراق وايران، وغيرها من البلاد التي تعاني الهجمة الضارية لتطبيق خطط الشرق الأوسط الجديد كما بشرت به وزيرة الخارجية الامريكية  كونداليزا رايس . 
   فمع تضاعف سلطة الاعلام وقدرته على صناعة الرأي وصياغته وتوجيهه بمحددات وافكار معينة، أصبح الاعلام بنوعيه قوة ناعمة مهولة جدا تجعل بإمكان من يملكها ان يصنع الحقائق من الاكاذيب، ويحول الحقائق الى اكاذيب، فكما قال "غوبلز" وزير الرئيس هتلر أبان الحرب العالمية الثانية :" اكذب واكذب واكذب حتى يصدقك الناس " وان يوجه الجماهير ويحركها في أي مكان بسهولة ويسر كما يشاء، مع من أو ضد من في ثورات أواعتصامات أوحركات انفصالية أو انقلابات.
   فكان توجيه ثورات الربيع العربي  في البلاد العربية دليلا على سهولة توجيه الجماهير وتشكيل الرأي العام كما يراد من قبل من يملك هذه الوسائل ويوجهها. وقد فشلت ثورات الربيع العربي بسبب التوجيه الاعلامي الشديد لها، مما أسفر عن نتائج كارثية على العالم العربي، فشكلت أملا للدول الامبريالية لأن تصنع الشرق الاوسط الجديد، الممزق والمتناحر. وإضافة إلى ذلك سيكتب تاريخ مزور وغير حقيقي عن شعوب المنطقة العربية والاسلامية واختياراتها، ولاشك أن العنوان الرئيسي سيكون لذلك  "الاسلام دمر نفسه بنفسه، لأنه دين عنف وتدمير للانسانية وقيمها السلمية " كما تم كتابة التاريخ المزور للهنود الحمر بيد الامبريالية الغربية وقوى الشر .   
   وقد أثبت الاعلام مرة أخرى بنوعيه التقليدي وغير التقليدي دوره الخطير لتوجيه الجماهير العربية والإسلامية الى حروب مذهبية بين السنة والشيعة، ذلك الهدف الذي يمزق الأمة العربية الإسلامية أشتاتا . 
  وكان له دور في غرس الكراهية اتجاه ايران كونها شيعية، وانها تسعى لصناعة القنبلة النووية لتدمير العالم العربي، وأنها تسعى لتصدير الثورة، واحتلال الدول المجاورة بسبب نزعاتها التوسعية الخبيثة، مما صنع الهوة الهائلة بين ايران والعالم العربي، وصنع الحاجز النفسي الكبير والجدار العالي بين إيران والعالم العربي،  وماتزال الماكينة الاعلامية الضخمة التي تبدأ في الغرب وتنتهي عند الوكلاء المحليين تعمل ليل نهار على اشعال حرب كونية بين ايران والعالم العربي،  وتقف ضد أي جهود للتعاون المشترك لبناء استقرار ورخاء المنطقة، حرب لاتذر ولاتبقي على العالم الاسلامي والعربي، كي تكتمل خطط ولادة الشرق الاوسط الجديد الذي تتحكم فيه وتديره الدويلة الصهيونية .

اعلام توعوي مقابل:
نستخلص من ذلك كله ان الاعلام وسلطته التوجيهية العارمة والضاربة كسلاح ناعم صنع الفجوة بين ايران والعالم العربي، وان الاستثمار الامثل لمواجهة هذه الحرب الاعلامية هي بصناعة اعلام يطلق الحوار الثقافي والوحدة الاسلامية بين ايران وشعوب المنطقة العربية الاسلامية.
   فالحرب الاعلامية الموجهة في حاجة الى اعلام موجه توعوي وحواري ووحدوي بين ايران والعالم العربي، اعلام عاقل يضع مصالح الامة العربية الاسلامية في اولوياته ويقف امام هجمة الاعلام التحريضي المكفر، الذي يملأ الفضاء ويتناسل بسرعة وقوة كي لايفقد زخمه، وبالاخص في دول الخليج التي أصبح سكانها الهدف الاول للاعلام التكفيري والتفريقي، الذی یلعب دور حصان طروادة واصبحت الجزيرة العربية منبعا ومخزنا لتشكل جيوش من الشباب الارهابي التكفيري تسنده جيوش أصحاب الفتاوي المكفرة والمحرضة، إرهاب تكفيري يعبر الحدود ليفجر ويقتل الناس في أي مكان ویحوک النفاق والکذب وترغبه الامبريالية والصهيونية خدمة لمآربها
   ان الاعلام الذي ننشده هو اعلام يفند الاعلام التكفيري الممزق للامة ويضع أهدافا تصب في الحوار الثقافي بدءا من الجغرافيا والتاريخ وانتهاء بكل العوامل الموحدة في العروبة والدين الاسلامي الحنيف.
  اعلام له عدد وعدة وزخم وكثافة یخترق الفضاء الذي شوه بالاعلام المكفر والتحريضي سواء على صعيد القنوات الفضائية أوالاذاعات أو الصحف أو وسائل التواصل الاجتماعي، وهو مايحتاج الى رصد ميزانيات وضخ مبالغ من قبل الجمهورية الاسلامية، وتخطيط العمل الاعلامي في جوانبه المختلفة مع اعلاميي العالم العربي، ومع الدول العربية والخليجية والاسلامية التي تسعى الى تحقيق الأمان والاستقرار في المنطقة مثل سلطنة عمان والكويت ولبنان والجزائر والعراق وغيرها من الدول، لصناعة اعلام كبير وضخم عقلائي إحيائي يعمل على تآلف قلوب العرب والمسلمين كما قال الله في كتابه الكريم مقابل اعلام خطير ومضلل وقاتل .  اعلام صادق وقوي له شروطه ومحدداته التي تصنع على أساسه الاخبار والبرامج والمسلسلات والتغريدات والدردشات والبوستات والمدونات والمجلات الالكترونية .
   وتوجد الكثير من المحددات والشروط سواء على صعيد التقنية أو المضمون الفكري  التي تصنع الاعلام المغاير بسلطته وقوته، وتصنع فكرا حواريا وحدويا جامعا للأمتين الايرانية والعربية  لمواجهة اعلام حرب التكفير والتمزيق، اعلام الشرق الاوسط الجديد.
وستساعد هذه الشروط والمحددات التي أضعها في بحثی بجانبها التطبيقي لإستفادة المتنفذين والاعلاميين العملية منها، واستخدامها في بناء اخبارهم وبرامجهم ومسلسلاتهم ومجلاتهم الالكترونية.
بعض الأفكار للحوار الاعلامي بين ايران والعرب
اطلاق قنوات تلفزيونية واذاعات  ووكالات خبرية في الدول العربية وايران،ومنصات اعلامية في وسائل التواصل الاجتماعي كثيرة وعديدة  بعناوين  : الوئام -التقريب-المصطفى-أ بو الأمة-الحسنى-المسلمون-أمة الوحدة-التآلف-محمد- الوعي .
 
رؤية هذا الاعلام  : اثبات حقيقة امكانية التعايش الفكري والمذهبي ضمن الدين الاسلامي وشذوذ فكر التكفير عن قيم الاسلام.

الرسالة او المهمة :ان يرى كل مسلم نفسه في القناة وبرامجها مهما كان مذهبه الاسلامي ومدرسته الفقهية.

الهدف : العمل على إستراتيجية النهوض والوعي  تكريس مشروع يأخذ بيد الأمة العربية  الإسلامية نحو صناعة الحضارة في الراهن، وصناعة مشروع حضارى ينطلق من الاسلام ويعود اليه،حتى نرخي العنان للفكرالأصيل مقابل التكفير الذي دمر مجتمعاتنا و التنمية الاسلامية

حزم البرامج:
@ برامج  للاستماع الى المتزوجين بين المذاهب،وحياتهم وحياة أبنائهم الاجتماعية السمحة، رؤيتهم للعيش المشترك.
@ برامج  تتناول ماتقوم  به حركات  التقريب بين المذاهب من مقررات وافكار للتقريب، وثمرات ذلك، والجوانب التطبيقية لهذا التقريب.
@ برامج تاريخية تسلط الضوء على مفاصل تاريخية للأمة سمت فوق سموم التفرقة وحققت وحدة وقوة الامة، لترسیخ التقريب والحوار والتلاقي والمودة بين كل المذاهب الإسلامية 
@ برامج تتناول الفقه على المذاهب جميعا من ناحية رفضها جميعا فقه التكفير الذي يعتبر فقها شاذاغريبا. 
@ برامج فكرية تتناول الاستعمار الغربي وعداوته التاريخية الفكرية للعالم العربي والاسلامي ومحاولاته الدائمة للنيل من الاسلام، وإعادة كشف الملفات الإستعمارية، وكيف دمرالإستعمار واقعنا الثقافي والإجتماعي والسياسي
@ برامج تمجد شخصية الرسول المصطفى وآله وسيرته السمحة من المذاهب الاسلامية كافة.
@ برامج يربط الشباب والجيل العربي والمسلم بالثقافة كمنقذ حقيقي من الإرهاب الأعمى
@ برامج تاريخية تتناول دور المستشرقين الخبيث للنيل من الرموز الاسلامية والمباني الاسلامية، وكتبهم ودسائسهم،ودور الاسرائيليات لتخريب فكر الاسلام . 
@ برامج تتناول حياة الامام على والخلفاء أبو بكر وعمر وعثمان وطبيعة العيش المشترك بيتهم، وعملهم المشترك للرقي بالأمة الاسلامية وتقدمها.
@ برامج تعالج قضايا الفقه الاسلامي وأزماته من حيث تقديس السلف واقفال باب الاجتهاد، وفوضى الفتاوي.
@ وثائقيات لاشاعة فكر التسامح والعيش المشترك كفكر اصيل في الاسلام وتجريف فكر التكفير الشاذ. 
@ تمثيليات اجتماعية تبين تأثير الوحدة على المجتمعات الاسلامية و نشر الوعي الحضاري  . 
@ افلام عن جميع المذاهب وتداخلها .
@ ترجمات تاريخية لعلماء المذاهب .
@ عرض امهات الكتب لعلماء المذاهب كافة. 
والله ولي التوفيق
حررت في العاشر من يناير 2017م
منبع: دبیرخانه مجمع اندیشمندان ایران و جهان عرب
 
امتیاز دهی
 
 

خانه | بازگشت |
Guest (PortalGuest)


Powered By : Sigma ITID