المبادئ الإسلامية في‌ حوار الأديان - سید محمد خاقانی و معصومه کارخانه في السنوات الأخيرة، انطلقت حملة إعلامية واسعة حول سبل إرساء أسس السلام و التعايش السلمي على مستوى العالم، من زاوية متشائمة لحياة البشرية نقول إنّ النشاطات في هذا المجال لا تساوي شيئاً،

نبذة:
في السنوات الأخيرة، انطلقت حملة إعلامية واسعة حول سبل إرساء أسس السلام و التعايش السلمي على مستوى العالم، من زاوية متشائمة لحياة البشرية نقول إنّ النشاطات في هذا المجال لا تساوي شيئاً، مستدلين بأنّ هذا النمط من النشاطات بعيدٌ عن الواقع الراهن للاتجاهات العالمية التي تنادي بضرورة تجنّب الشر، و تتمسک بمبدأ «الصراع من أجل البقاء» بوصفه مبدأ بايولوجياً.
في المقابل، هناک رأي متفائل يقول، إنّ جميع أفراد البشرية أعضاء أسرة واحدة، و في‌ سعي دائم لتقليص المسافات بينهم؛ من هنا، تأتي هذه الورقة بمثابة ردّ على السؤال حول أصل الحوار و نشأته من وجهة نظر الإسلام.
تؤکّد هذه الورقة بأسلوب تقريري و تحليلي على إمکان عرض قراءات مختلفة حتى في‌ إطار الدين الواحد، الإسلام مثلاً. و مع العلم بأنّ کل من هذه القراءات المختلفة قد وجدت طريقها و سوف تستلهم من التيارات الإنسانية العديدة و الأنساق الاجتماعية، فإنّ أمثلة هذه المقاربة و شموليتها في الحوادث العالمية المعقدة توضع على محک التجربة لتتيح للبشرية الفرصة التدريجية لاختيار أفضل السبل الموصلة إلى ما تعتقد أنّه الحق.

الکلمات المفتاحية: حوار الحضارات، الاختلافات و المشترکات، العولمة الثقافية، القيم الإنسانية. 

1.    مقدمة:
في عام 2000 م وافقت الجمعية العامة للأمم المتحدة على اقتراح قدّمته الجمهورية الإسلامية في إيران لتسمية عام 2001 م بعام «حوار الحضارات». و قد قوبلت هذه الخطوة بترحيب کبير من قبل المحافل الدولية، و منذ ذلک الحين عُقدت مئات المؤتمرات في مختلف البلدان بهدف دراسة إمکانات الحوار و القضايا الصعبة و المثيرة للجدل. "هذا المشروع لم يکن نهاية المطاف، بل بداية الطريق" . للوهلة الأولى يشير الترحيب بهذا المشروع إلى الإحساس بالحاجة الماسة التي يشعر بها المتنورون إزاء الظروف المختلفة للمجتمع الإنساني، من هنا، فهم يسعون إلى إيجاد البديل للفوضى التي بات العالم يغوص فيها منذ بداية الألفية الثالثة و حتى اليوم. و على حدّ تعبير "توينبي"  فإنّ حيوية الحضارة هي في التواصل الفعال و الحوار و التعاطي الثقافي و بذلک تحول دون زوالها و سقوطها . لا سيّما و إنّ هذا المشروع قد جاء بعد النظرية المثيرة للجدل التي طرحها هنتنغتون  حول «صدام الحضارات» و نظرية "فوکوياما"  حول موت الإنسان و نهاية العالم .
يهدف هذا البحث إلى تحليل المبادئ الإسلامية من أجل التنظير للوصول إلى أساس لحوار الحضارات. و هو يتميز بکونه يتمثّل الرؤية الفلسفية الإسلامية و ينهل من نمير الحکمة المتعالية لـ "صدر الدين الشيرازي"؛ و قد بُنيت هذه الحکمة على مبدأ الکثرة في عين الوحدة و الوحدة في‌ عين الکثرة، أو بعبارة أخرى، على قاعدة "الوحدة التشکيکية".
"تحظى مسألة تشکيک الوجود بمکانة خاصة في الفلسفة الإسلامية، و قد لعبت بعد الفلسفة المتعالية، دوراً حاسماً في تفسير قضايا الأنطولوجيا الإسلامية، من خلال طرحها إلى جانب مبدأ أصالة الوجود کثاني مبدأ للحکمة المتعالية . و هو ما يفسّر اتّخاذها معياراً للتقييم في هذه الورقة.

في هذا البحث، نسعى إلى دراسة المبادئ الإسلامية لحوار الحضارات عبر الإجابة عن الأسئلة التالية:

1.     ما هي نقاط الاختلاف و الاشتراک بين الحضارات؟
2.     بماذا تخدمنا المبادئ الإسلامية للوصول إلى أساس لحوار الحضارات؟
3.     ما هي آليات الفلسفة الإسلامية لتحقيق أهداف حوار الحضارات؟
2.     خلفية البحث

يعدّ موضوع حوار الحضارات من القضايا الراهنة في العالم المعاصر، و قد تمّ تناوله مراراً‌ حتى الآن في‌ إطار المجلات و المقالات و المؤتمرات الدولية، منها، على سبيل المثال، مقالة "گفتگوي تمدن ها از منظر سازه انگاري" «حوار الحضارات من منظار المدرسة البنائية» بقلم حميرا مشير زاده في عام 2004 م. في تلک المقالة تقدم الکاتبة نظرة سريعة لفکرة حوار الحضارات و أهميتها في العلاقات الدولية، لتناقش بعد ذلک البنى و المحاور الرئيسية للبنائية. کما صدرت مقالة لـ شهريار دبير زاده في عام 2003 م بعنوان "تأثير گفتگوي تمدن ها بر سياست خارجي جمهوري اسلامي ايران" «انعکاسات حوار الحضارات على السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية في إيران»، يحلّل کاتبها فيها فاعلية النماذج المطروحة في السياسة الخارجية لحوار الحضارات في إيران. و هناک مقالة لـ هادي خانيکي عنوانها "گفتگو ازمفهوم زباني تا معناي جهاني" «الحوار من المفهوم اللغوي حتى المعني العالمي» يستعرض فيها المقومات و تصنيف أهم النظريات في الحوار من أجل شرح البنى النظرية للحوار بين الحضارات. و کذلک الحال مع مقالة نبي الله إبراهيمي التي‌ تحمل عنوان "عدالت، گفتگو و امنيت بين المللي" «العدالة، الحوار، الأمن الدولي» حيث يستعرض کاتبها المقومات و يصنّف أهم النظريات و الآراء في الحوار من أجل شرح البنى النظرية للحوار بين الحضارات. و في نفس الموضوع کتب الثنائي مجيد بزرگمهري و فاطمة أحمديان مقالة " مؤلفه هاي مشترک صلح در نظريه ي سازه انگاري و ايده ي گفتگوي تمدن ها" «المقومات المشترکة للسلام في النظرية البنائية و فکرة حوار الحضارات»، و هناک بحث قدّمه حسن نوري نيا و عباس عبدي و عنوانه "ديدگاه روزنامه نگاران ارشد درباره گفتگوي تمدن ها" «آراء کبار الصحفيين في حوار الحضارات» ناقش فيه الکاتبان مختلف الآراء الخاصة بحوار الحضارات. و أخيراً، کتب منوچهر عباسي مقالة " گفتگوي تمدن ها و صلح جهاني " «حوار الحضارات و السلام العالمي» و يستعرض فيها الکاتب العديد من الآراء في الحرب و السلام، و بالنتيجة يبحث في الحوار الثقافي و السلام. إذن، تناولت جميع هذه المقالات و البحوث أبعاداً من القضايا المتعلقة بحوار الحضارات، و لم يتطرّق أيّ منها لموضوع حوار الحضارات بالتفصيل و بشکل مستقل، فضلاً عن دراسته من وجهة نظر الإسلام؛ بناءً عليه، ارتأينا في هذه الورقة تناول الموضوع بصورة مفصلة في إطار الأسس النظرية.

3.     المبادئ النظرية
3-1.    الاختلاف و الاشتراک بين الناس

منذ أن عرف الإنسان نفسه، واجه تحديات کثيرة، فحين يفرغ من تأمين احتياجاته الأساسية، يشعر بعدم قدرته على الفکاک من تعقيدات الحياة و أسرار الحياة. من هنا، أدرک شيئاً‌ فشيئاً عدم إمکان تطابق آرائه مع بني جنسه حول النظرة إلى عالم الوجود. من وجهة نظر هنتنغتون، إنّ التباينات الثقافية و الحضارية لشعوب الدنيا تمايز بينهم و تفصل بعضهم عن بعض، بنفس المقدار الذي تعمل فيه المشترکات الحضارية و الثقافية أيضاً علي الارتقاء بمستوى التعاون فيما بينهم و زيادة أواصر الثقة . في البدء، کان الناس أمة واحدة، و لکن سرعان ما اختلفوا إزاء کل ما يحيط بهم في هذا العالم.
مع ذلک، فإنّ الإنسان هو اجتماعي بطبعه. " و فنون التواصل عبارة عن عمليات مرکبة تسمح للفرد بالتعاطي مع الآخرين بنحوٍ يجعل منه جديراً في أنظارهم . لهذا السبب نجد أنّ کل إنسان يشعر بالحاجة إلى معاشرة الآخرين و الاختلاط بهم، "يرى البعض إنّ فن التواصل المؤثّر يعني التکيف مع الآخرين، و فن الألفة و الحميمية هو إمکانية التعبير عن المشاعر و العواطف و حلّ الاختلافات مع الآخرين، و فن الشجاعة و الإقدام هو القدرة على التفاوض مع الآخرين" . يدرک الإنسان جيداً إنّ التعاطي مع المجتمع و التعايش السلمي بحاجة إلى الاتفاق على المبادئ و الأصول، و القواعد و القيم التي تحظى بالاحترام. و من هذا المنطلق، تُبذل جهود لترسيخ هذه القوانين على المستويين العملي التطبيقي و النظري.

3-2.    مسار الاشتراک على المستوي العملي
على المستوى العملي، بُذلت حتى الآن جهود اجتماعية جبارة في‌ إطار مختلف الأنظمة السياسية. بدأت هذه الجهود في أشکال بسيطة في الکثير من الأنظمة العشائرية – التي تفرض طاعة رئيس الجمهورية المستبد – مروراً‌ بأعقد الأنظمة الديمقراطية، و يتوضّح لنا من خلال ذلک أنّ الهدف النهائي لجميع أنواع الأنظمة کان تأسيس المنظمات الدولية المتمحورة حول الإعلان العالمي لحقوق الإنسان.

3-3.    مبدأ المشترکات في المجال النظري
من جهة ثانية، مع ظهور سقراط و جهوده في مواجهة السفسطائيين، بُذلت جهود فکرية – نظرية من أجل تجسيد الحقيقة و تمييزها عن الباطل، على المستويين النظري و العملي.
يحاول سقراط في "المنطق الصوري لأرسطو"   أن يقدّم أداة قانونية ناجعة تمنع حصول أخطاء عقلية و ذلک من خلال الالتزام بالأشکال و القوالب. و لذلک، طرح في هذا السياق مبادئ و قواعد مدعياً أنّ قوة معظمها و صحّتها تسمو على بعض المبادئ السماوية. و بالنسبة لأنصار أرسطو، فقد ذهبوا بعيداً في إعلاء شأن المنظومة المنطقية لأرسطو حتى يخيل للمرء أنّها من بقية القانون الوحياني السماوي الذي لا يقبل النقاش، "فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً ولَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَحْوِيلاً" !

3-4.    انعکاس الاختلاف في ‌وجهات النظر على المستويين النظري‌ و العملي
بيد أنّ السؤال المطروح هنا هو: ما الذي استفاده الناس من کل هذه الجهود؟
ما ظهر لنا على المستوى العملي هو إنّ المجتمع الإنساني قد تشکّل من مئات الحکومات الصغيرة و المتباينة تماماً بعضها عن بعض إن على صعيد الشکل أو على صعيد الترکيب؛ و کل حکومة من هذه الحکومات تزعم أنّها الصيغة الأرقى للحکومة و الحضارة الإنسانية. و لکن مع مرور الوقت بدأت هذه الحکومات الصغيرة تشعر أنّ عليها التعبير عن نفسها من خلال الانخراط في الظاهرة العالمية؛ و هو ما دفعها إلى تشکيل نظام عالمي جديد عبر تأسيس منظمة الأمم المتحدة. "خلال عقد التسعينات من القرن الماضي و السنوات الأولى من الألفية الثالثة، راح مجلس الأمن يفتش عن أدوار أوسع و أشمل من مجرد الموضوعات الأمنية و السياسية من قبيل الإرهاب و أسلحة الدمار الشامل و عمليات حفظ السلام ... إلخ" ، و لذلک يعتبر إنّ "حق النقض"  و الطاقة النووية هي من اختصاصه وحده. 
أما المعطى على المستوى الفکري و النظري فکان أن ساد فکر جديد في القرون الوسطى؛ کان أتباع هذا الفکر يلوذون به بذريعة قدسية الدين و شرعيته، بالإضافة إلى هيمنتهم على عقول الناس، کما هيمن أرسطو على عقول المفکرين فلاذوا بالمنطق الأرسطي المتعصب. و مع ظهور تباشير الحضارة الحديثة، اندلعت ثورة ضد هذه المنظومة الفکرية ليحلّ التحليل الاستقرائي محل القياس، و على هذا النحو، حلّ الشک محل الإيمان في الفکر الإنساني العميق. لقد أعلن هؤلاء إنّ الشغل الشاغل للفلسفة الإنسانية لم يعد کما في السابق معرفة أسرار العالم، و إنّما هي بصدد تغيير أسلوب الحياة و الهيمنة على النظام العالمي. کما لم يعد السکون أو الثبات أساس نظام الوجود بل التغيير و التطور يلعبان أکبر دور في منظومة عالم الوجود.
في ظل النظام العالمي الجديد، الذي وُلد بعد غزو العراق للکويت  و ظاهرة العولمة الجديدة و الآثار التي‌ ترتّبت عليها، فُتحت آفاق جديدة في غور العقل الإنساني ارتسمت حدودها على أساس أنواع متعددة من المفارقات و المعضلات و التحديات. کل الجهود کانت تصب نحو تحقيق إجماع عالمي من أجل سيادة لغة الحوار و احترام الآخر و التعددية الفکرية بدلاً من الأنانية السياسية، و إجراء مفاوضات استراتيجية في سبيل تشکيل قوة موحدة في جسم المجتمع البشري.

3-5.    واقع النزاعات في العالم الإسلامي 
القضايا التي طُرحت حتى الآن کانت على المستوي الدولي، و لکن بعد ولادة الإسلام في شبه الجزيرة العربية، راح المسلمون يجرّبون أساليب متعددة من الحوار الاستراتيجي في العالم الإسلامي. لقد فتحت الثورة المحمدية آفاقاً رحبة أمام أنظار العرب، فأخرجتهم من عُقَد العصبيات القبلية ليفتحوا بلداناً أبعد من تلک التي کانوا فيها قابعين. و على حد تعبير ول ديورانت  "کان هذا المجتمع المنعزل يعيش فترة ما قبل ظهور الحضارة" . لقد انتصرت قيم الرحمة و العدل و سائر القيم الإسلامية على أقوى إمبراطوريات العالم، و لم يمض وقت طويل حتى فتح العرب بلدان الشرق و الغرب، أعني، بلاد فارس و بلاد الروم.
لقد وُلد العصر العباسي نتيجة لتلاقح التسامح الإسلامي و ترکيبة الحضارة العربية الإسلامية مع ثقافات الشعوب و الأمم العظيمة التي شغلت الدنيا بحضارتها.
و قد قادت هذه الحضارة الأمة الإسلامية إلى ذرى العلوم و الفنون و في مختلف الميادين و المجالات. في وقت کان الغرب يعيش في أحلک مراحله، فکان يستعمل الدين مطية لمحاربة العلم، و يقمع الآراء و العقائد المخالفة.
ثم بدأت بعد ذلک مرحلة من الرکود، ابتعد فيها المسلمون عن القيم المنشودة و تقوقعوا على أنفسهم، فنسوا سنن الله في حياتهم اليومية، في حين استيقظ الغرب في هذه الفترة من سباته الطويل، فقطع أشواطاً مذهلة على طريق تسخير قوى الطبيعة و غزو آفاق العلم و اکتشاف أسرار العالم. عندما فتح عظماء النهضة الأوروبية بوابات العلم، صعدوا على أکتاف العلوم الإسلامية ليتسع أفق رؤيتهم و دائرة إحاطتهم . 
و الأمر المؤسف هنا هو إنّ المجتمع الإسلامي – في حقبة معينة - تخلّف عن رکب الحضارة الغربية، و تغافل عن تحديات عصره، لکنّ الله تعالى شاء أن يصحو هذا المجتمع من سباته، و يتعرّف إلى الظواهر الجديدة في عصره في‌ حقبة العولمة، و يدرک جميع جوانبها السلبية و الإيجابية.
و راحت دعوات العودة إلى الذات و معرفة الآخر تصدح في کل مکان، و قد اتّخذت أشکالاً و مضامين عديدة و مختلفة، بدءاً بالدعوة إلى سفک دماء کل من سفک دماء إخوتنا و حطّم جيلنا و احتل القدس الشريف رمز وجودنا و هويتنا، و مروراً بالدعوة إلى إقامة السلام و الصلح و التعايش و إلى الالتزام الأخلاقي‌ و الأحلام و الطموحات، و انتهاءً بالدعوة إلى لغة الحوار و دعمه.
إنّنا جميعاً مطلعون على الجهود المبذولة من قبل بعض البلدان الإسلامية، من بينها الجمهورية الإسلامية في إيران – على الرغم من المحاولات التي تمارسها وسائل الإعلام الغربية لشيطنة إيران و تشويه سمعتها – و في نفس الوقت يجب أن نعلم "بأنّ الجمهورية الإسلامية في إيران تحتل موقعاً سياسياً و ثقافياً ‌و اقتصادياً متميزاً" . و بناءً عليه، فإنّ الجهود الإيرانية کلها تصبّ في خانة تعزيز لغة الحوار و نبذ العنف و الإرهاب،  و کذلک عودة المفکرين و العلماء الذين يؤمنون بوحدة الإنسانية و توحيد صفوف القوى الإنسانية و يسعون دائماً إلى الوفاق بين الأديان التوحيدية و وحدتها في الشرق و الغرب.

3-6.    الإسلام و العولمة
هناک إجماع بين المسلمين و علماء مختلف المذاهب الإسلامية حول قضية عالمية الإسلام. فنحن نلاحظ أنّ الکثير من الآيات القرآنية تبدأ بعبارة (يا أيها الناس). في الحقيقة، إنّ هذه العبارة أو الآية خطاب عالمي يتجاوز حدود و أطر الإسلام و يمتدّ لأبعد من الجنس البشري الذي ينتمي إليه النبي‌ الأکرم (صلّي الله عليه و آله و سلّم)، و يجسّد بصورة عينية عبارة رحمة للعالمين. و قد أشار (صلّى الله عليه و آله و سلّم) إلى هذه القضية في الحديث الشريف «لا فضل لعربيّ على أعجميّ إلّا بالتقوى».
فالإسلام يحاکي المسيحية في هذه النقطة، عنيتُ، في‌ توجيهه الخطاب لجميع فئات و أصناف البشر قاطبة، و ذلک على عکس الديانة اليهودية التي توجّه خطابها إلى فئة قليل و خاصة. إنّ الفارق الموجود بين الإسلام و المسيحية هو في عالمية دعوتهما. فالديانة المسيحية و بعيداً عن الفقه، هي بمثابة نظام حقوقي يختصّ بالتعامل بين أفراد البشر. و يتلخّص الهاجس الرئيسي لهذه الديانة في المنظومة الأخلاقية، لتقوم بمهمة الإصلاح الأخلاقي الشخصية، و الترکيز على عدم الانخراط في العلاقات الاجتماعية و السياسية المعقدة. في المقابل، جاء الإسلام للعالمين بنظام فقهي، و يدّعي أنّ هذا النظام ينسجم مع جميع أنماط السلوکيات الفردية و الاجتماعية و السياسية و الثقافية في المجتمع الإنساني، و ذلک لأنّ الإسلام بحسب قراءتنا و مقاربتنا لا يميز بين الله و البشر، على العکس من العبارة الشهيرة الواردة في الديانة المسيحية: «أعط ما لله لله و ما لقيصر لقيصر»، بينما الرؤية الإسلامية تقول إنّ العالم هو لله، لکنّ الله وضع العالم تحت تصرّف البشر، کما ورد في الآية الشريفة (وسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ ومَا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا مِنْهُ)، و في هذه الدنيا لا يوجد أيّ فکاک أو فصل بين ما يملک الله و بين ما هو في متناول الإنسان! على هذا الأساس، و من خلال هذه المقارنة البسيطة بين الأديان التوحيدية الثلاثة يمکن القول:
•    العولمة في الديانة اليهودية، و قوامها نظام ديني فقهي يتطابق مع السلوک السياسي و الاجتماعي، و يستند إلى سلطة شخص واحد على جميع الناس، و هو أحد أفراد الشعب و يهودي و يعتقد أنّه مخوّل من الله لقيادة العالم بصلاحيات مطلقة. هذا، في حين إنّ هذا الشخص ليس له أيّ دور أو سلطة في‌ أمة أخرى و کذلک في النظام العالمي المنشود.
•    لا تقتصر العولمة في الديانة المسيحية على أمة بعينها. فالمسيحية لا تميز بين الأعراق المختلفة، لکنّها مع ذلک عجزت عن توفير الحلول الشاملة للقضاء على تعقيدات العولمة في المجتمع البشرية فيما يتعلق بخفض و تحديد الأبعاد الأخلاقية للشخص و عدم رغبته في تطبيق هذه القيم الأخلاقية في المجالات السياسية‌ و الاقتصادية و المعايير القانونية الدولية من جهة، و من جهة ثانية حاجة العولمة إلى نظام ديني فقهي و تشريعي ينسجم مع القوانين الاجتماعية، و يتکيف کذلک مع الجوانب الاجتماعية في‌ حياة البشرية. 
•    أمّا الدين الإسلامي فهو يحاکي في جوانب عدّة الديانة اليهودية، حيث يتحدّث عن نظام ديني فقهي متماسک لقيادة کل من الجانبين الشخصي و الاجتماعي. و في جوانب أخرى يتماشى مع المسيحية، حيث يؤمن بسلطة فرد على آخر، و لا فرق عنده بين أسود حبشي و أبيض عربي إلّا بالتقوى و العمل الصالح، لهذا السبب نجد الأزمة تتعاظم و تتعقّد.

3-7.     هل يحتکر الإسلام الحقيقة؟
من البديهي أن يزعم أيّ دين أو مدرسة فکرية أنّها تفتح طريق السعادة أمام البشرية (کل حزب بما لديهم فرحون) و في نفس الوقت يقوم نفس الدين بإخفاء الحقيقة و يرفض سائر الأديان، هذا النهج أو هذه الشريعة لا تصلح لأن يُقتدى بها لتکون سبيلاً للحوار مع الناس، فيصبح ما تزعمه لا يعدو عن کونه مثالاً بارزاً للزيف و النفاق، و ذلک لأنّ من مستلزمات الدخول في حوار جاد و صادق و مفيد هو أن يکون الطرفان و قبل کل شيء مستعدين للتسليم في مقابل الحق، و أن يظهروا قدراتهم  خلال مسار الحوار. 
و الحوار الجاد و الصادق عبارة عن سبر الحقيقة و مدى تطابقها مع الرؤية الفکرية لکل طرف. ليس من واجب الحوار الجاد الصادق إکراه الآخرين على الإذعان للحقيقة، و إنّما نشر الحقيقة حيثما تکون. و يمکن أن نستشف هذه الوسيلة في القرآن الکريم بصورة واضحة حين أمر النبي الأکرم (صلّى الله عليه و آله و سلّم) بعدم کتمان الحقيقة خلال المعاملة مع الآخرين. تأمّل هذه الآية الکريمة (وإِنَّا أَو إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدىً أَو فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ)  . هذه الآية، تضع الهداية في مقابل الضلال، و الله لا يحتکر الهداية في هذه الآية فهو لا يقول إنّا على هدىً و أنتم على ضلال!
و الحديث النبوي الشريف «الإسلام يعلو و لا يُعلى عليه» لا يعني أنّ الإسلام يحتکر الحقيقة، بل معناه إنّ الإسلام يفضل على سائر المناهج و المدارس الفکرية الأخرى.
و هذا القول (بأنّنا على حق و الطرف الآخر على باطل) يعني إنّ هذه الحقيقة البسيطة ذات أبعاد متعدّدة، و على هذا النحو فإنّ وجود الحق لدى الطرف الأول يعني غيابه لدى الطرف الثاني.
الأول: الحق يقتصر على دائرة صغيرة، و محاط بمدرسة فکرية معينة و لا يستطيع الخروج منها، و هذا لا يعني محدودية الحق و ضيقه، بل إنّ الحق المطلق غير محدود، و هو محاط بشيء لا يمکن الإحاطة به. (وكَانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطًا).
الثاني: أن يکون الحق عبارة عن حقيقة واحدة لا تقبل الکثرة أو التعدّد.
أما طبقاً لقراءتنا الإسلامية فإنّ الحق، في جوهره، واحد، لکنّ مظاهره و تجلياته متعدّدة و متکثرة. نعم، إنّ الحق في کنه ذاته واحد غير قابل للنفوذ، کما يقول الله تعالى (قل الله الواحد)، الحقيقة کالنور الذي يسطع و يشعّ (اللهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ والأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّيٌّ يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لاَ شَرْقِيَّةٍ ولاَ غَرْبِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ ولَو لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ نُورٌ عَلَى نُورٍ يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشَاءُ ويَضْرِبُ اللهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ واللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ)  .
عندما يشع النور و يتجلى يتماهى تدريجياً و يتلاشى، و حين يتلاشى يبتعد عن أحديته، و يتمظهر في مصاديقه و تجلياته و يتبدى في أسماء و صفات خاصة به. إنّ نورانية النور في السماء أسطع منها في الأرض، و المشکاة و المصباح عبارة عن أمثلة بارزة لتماهي النور أو تعدّده، أما أبرزها فهي نور على نور.
على هذا الأساس، يمکن للحقيقة الواحدة أن تتجلى في مظاهر و أمثلة عديدة و تکون جميع المدارس الفکرية و عقول البشرية إناء لمحتوى الحقيقة و ميادين لتجلّيها. لا شک في أنّ الحقيقة متعدّدة و متکثرة، و تستعصي على التحديد في زمان أو مکان أو تيار فکري معين!
و کما أنّ لخلائق الله المختلفة درجات مختلفة على صعيد مراتب الوجود، فإنّ آراء و نظريات المدارس الفکرية الإنسانية المتعدّدة تعکس الحقيقة کلّ حسب زاويتها مع تباين في الشدّة والضعف.
إنّنا نؤمن من منطلق قراءتنا الإسلامية إنّ ما من منطقة من مناطق العالم و ما من جزء من أصغر جزيئات العالم تخلو من الحقيقة الإلهية المحضة (فَأَيْنَ مَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ) بما في ذلک الشيطان الذي هو النموذج الأبرز للشر و الفساد يحتوي في جوهره و ماهيته على جزء من الحقيقة، و يجسّد اسم من أسماء الله تعالى. لکنّه يختلف في أنّه بعيد عن أسماء الله الحسنى التي تجسّد الفضائل الأخلاقية في أعلى مراتبها.
إنّ عقل الإنسان مرآة تعکس نظام الوجود، و لهذا السبب نجد أنّ الأساليب الفکرية المرتسمة في عقل البشر تکشف عن الحقيقة بدرجات مختلفة. إنّنا لا نؤمن بحصر الحقيقة في عقيدة إلهية أو مادية واحدة، بل إنّ ما نعتقده هو أنّ نهجاً يفضل على آخر. و المدارس الفکرية تعکس درجات مختلفة من الحقيقة شدةً و ضعفاً!

3-8.     إطلالة سريعة على الحضارات الإنسانية و أسرار الاختلافات الداخلية: 
قراءتنا الإسلامية لنظام الطبيعة و البشر على هذا النحو: إنّنا نطلق على الحق المطلق اسم (الله). 
اختير لفظ الجلالة (الله) في اللغة العربية للدلالة على خصائص الکمال في تفاصيل أمثلة هذه الکلمة. لقد خلق الله تعالى جميع المخلوقات على صورته الحقيقية، و الإنسان بوصفه نموذجاً و تجلياً‌ عينياً لنفسه. إنّ تجلّي البشرية و حقيقتها يؤدّي إلى خروج الإنسان من دائرة الوحدة المطلقة و تجليه في العالم. إنّها مشيئة الله التي اقتضت أن يکون الإنسان خليفته على الأرض، و مجلى کل الفضائل و القيم بل و حتى أسماء الله تعالى. " الإنسان بحسب المفهوم الإسلامي عامل أو خليفة الله على الأرض و عبده ... لذا عليه أن يکون فاعلاً في‌ قضية الخلافة الإلهية" . تنطوي الروح البشرية على جميع درجات الوجود، الأمر الذي يفسّر وجود تباين بين أفراد البشر (ولَو شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ولاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ [هود-118] إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ ولِذَلِكَ خَلَقَهُمْ) .
و ما انفک هذا الاختلاف بين الأفراد متواصلاً مع مرور الزمان بحيث تولّدت عنه حضارات مختلفة، و ظهرت کل منها الواحدة تلو الأخرى في‌ حقبة تاريخية معينة و في منطقة جغرافية خاصة.

3-9.     المبادئ الإسلامية في الحوار مع الحضارات الأخرى
للحقيقة بعدان: بعد تعددي متکثر يؤدّي إلى أن تمتلک کل أمة و کل مذهب خصوصية معينة ليکون ذلک سبب تمايزها بعضها عن بعض. و بعد آخر هو الوحدة و التمازج، بحيث يمتزج جوهر کل شعب و مذهب مع جوهر شعب و مذهب آخر، و في نفس الوقت، يکون متمايزاً‌ عنه و متفرّداً؛ کما جاء في الآية الکريمة (تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وتُخْرِجُ الْحَيٌّ مِنَ الْمَيِّتِ وتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيٌّ وتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ) .
إنّ قراءتنا للإسلام و المقاربة الإسلامية تدفعنا إلى تحديد المبادئ المذکورة أدناه للبدء بحوار ثنائي:
•    نحن نؤمن بأنّ الحقيقة المطلقة واحدة في جوهرها، و متعددة في‌ أمثلتها و مصاديقها، و نسعى إلى تحقيق سعادة البشرية.
•    نحن نؤمن بهذه التعدّدية و التکثر في نظام الطبيعة الذي تولّدت عنه الاختلافات و التباينات و التحديات.
•    نحن نؤمن بقدرة العقل الإنساني على فهم الحقيقة و المقارنة بين آثارها المختلفة، ليسمو بهذه الطريقة على ظواهر الأشياء و يسبر کنه حقيقة الخلائق. و العقل الإنساني جدير من منظار الحق أن يحقّق هذا الطموح الإنساني.
•    نحن نعتقد إنّ الإغضاء عن حکم العقل و الانقياد للأهواء يجعل من قاعدة الاختلاف أداة لنشر الشر و الفساد، و يحوّل مبدأ الاختلاف من الرحمة الإلهية إلى کارثة و بلاء.
•    نحن نؤمن بأفضلية الإسلام بالمعنى الواسع لهذه الکلمة – أي التسليم لحکم الله و هو الحقيقة المطلقة -. على هذا الأساس، لو تأکّد لنا عبر طريق الحوار المتبادل أو الاستقصاء الشخصي أنّ ثمّة طريق آخر غير الإسلام – الذين نؤمن به اليوم -، و إنّ هذا الطريق قادر على هداية البشرية إلى طريق الحق على أفضل وجه، فسوف نتخلى عن طريق الإسلام و نؤمن بالطريق الجديد بوصفه الإسلام الحقيقي، و کأنّ الإسلام السابق الذي کنّا نؤمن به کان عبارة عن تصوّر غامض عن الإسلام.
•    هذا الإسلام المتنامي الذي نؤمن به يحتوي على بعدين اثنين هما: البعد الأول، الإسلام الفطري المتأصّل في‌ أعماق الإنسان (فِطْرَةَ اللهِ التي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا) . هذا النوع من النزوع نحو الدين لا يحصل على أرض الواقع، و إنّما يعتمل في داخل الإنسان على شکل دوافع نفسية و قيم ذاتية مشترکة بين جميع أفراد الناس و في جميع الأزمنة و الأمکنة. "يعتقد العلامة محمد حسين الطباطبائي صاحب تفسير الميزان إنّ الخصائص الفطرية عبارة عن خصائص و صفات متأصلة في جوهر الخلقة الآدمية و تتعلق ببنية النوع البشري و ترکيبته" .  ما لم تکن هذه القيم الذاتية متأصلة في أعماق الفطرة الإنسانية، لن يحصل أيّ حوار بين أفراد البشر و ذلک لأنّ من مستلزمات إقامة الحوار هو التوفر على القيم المشترکة مثل الحق، الصدق، الأخلاق، العدل، السلام، ... و ما شابه ذلک. تکمن أهمية الحوار في الوصول إلى هذه القيم. هذا الجانب من الإسلام لا يقبل التشکيک و الترديد و لا يسمح بوقوع أيّ خطأ، و من البديهي‌ أن يکون هذا الجانب من الإسلام هو العامل المشترک الذي تتقاسمه جميع الحضارات و کل أفراد البشرية. و القاعدة التي‌ يجب أن ينطلق منها مسار الحوار و کشف الحقيقة. في هذا الجانب، يعتبر الإسلام نفسه الوجه المشترک بين جميع شرائح المجتمع الإنساني. ينظر الإسلام إلى هذا المجتمع بوصفه أسرة واحدة، الأمر الذي يفسّر إيمانه بالحوار (الداخلي) لا (الخارجي).  و لا شک في‌ أنّ تأثيرات هذه النظرة مشهودة بصورة واضحة على صعيد کبح جماح العصبيات القبلية الناجمة عن الحضارات و الثقافات و الأديان و المذاهب المختلفة. و لا بد لنا هنا أن نستشهد بثلاثة أبيات شعرية للشاعر  الإيراني الکبير سعدي الشيرازي و التي تُرجمت إلى لغات عديدة و نُقشت على جدران مبنى المنظمة العالمية للأمم المتحدة، الأبيات باللغة الفارسية هي:

بني آدم اعضاي يکديگرند        که در آفرينش ز يک گوهرند
چو عضوي به درد آورد روزگار        دگر عضوها را نماند قرار 

تو کز محنت ديگران بي  غمي        نشايد که نامت نهند آدمي 


•    البعد الثاني‌ للإسلام هو الإسلام الاصطلاحي الذي ساهم إلى جانب الأديان الأخرى في صنع حضارة جديدة إلى جانب الحضارات الأخرى. هذا الإسلام عبارة عن مجموعة من التعاليم التي تلقّاه النبي الأکرم (صلّي الله عليه و آله و سلّم)، و تعلّمها مع تلاوته للقرآن الکريم، و نحن نطلق على هذه الجهود الشخصية للنبي الأکرم (صلّي الله عليه و آله و سلّم) مصطلح "السنّة النبوية". "إنّه لأمر جدّ مهم الحضور الدائم للحقيقة الروحية لنبي الإسلام (صلّى الله عليه و آله و سلّم) عبر السنّة النبوية الشريفة و اقتداره في المجتمع الإسلامي . من البديهي أن لا يضع هذا النمط من الإسلام جميع أفراد البشرية في فئة واحدة، و إنّما يقسّمهم إلى عدّة فئات من قبيل المسلمون / الکفار، المسلمون / المشرکون، المسلمون / أهل الکتاب (و على صعيد الباطن الإنساني) يقسم الإنسان إلى (مؤمن / منافق). لا شک في أنّ لکل ثنائي من هذه التقسيمات أمثلة و نتائج و عواقب تطرّق إلى ذکرها رجال الدين في کل فرقة من الفرق الإسلامية المختلفة. في بعض الأحيان قد يبرز اختلاف بين هذه الفرق على الاسم و العنوان و حدودها الزمنية. لا بد من الالتفات إلى أنّ قراءتنا للإسلام تتمرکز في أربع دوائر هي: 
أ- الدائرة الأکبر، دائرة العرفان، زعماء هذه الدائرة شخصيات مثل محيي الدين بن عربي، الحلاج، و بايزيد البسطامي و الإمام الخميني. تولي هذه الدائرة للإسلام المتطور أهمية، و تضع الإسلام الاصطلاحي على الهامش، و تعتبر جميع الأفراد سائرين على طريق الإسلام، تبطل جميع التصنيفات الثنائية بما فيها ثنائية المسلم / الکافر و الحق / الباطل و تعدّها غير صحيحة. أتباع هذه الدائرة (المدار) هم العلماء و المفکرون الإيرانيون. 
ب- الدائرة الکبرى: دائرة الفلسفة. من عظماء هذه الدائرة يمکن أن نذکر الفارابي و ابن سينا و السهروردي و ابن رشد و صدر الدين الشيرازي و الإمام الخميني. و تؤمن هذه الدائرة بالتصنيفات الثنائية مثل: الحق و الباطل، و الواقعية و المثالية، و الطبيعة و ما وراء الطبيعة، أو الفيزيقا و الميتافيزيقا. 
ينتشر أتباع قلّة لهذه الدائرة في إيران و سائر البلدان الإسلامية.
ج- الدائرة الصغرى: و تشمل دائرة علم الکلام و الأصول. من عظماء هذه الدائرة يمکن أن نذکر الخواجة نصير الدين الطوسي و الإمام فخر الرازي و محمد بن عبد الوهاب و الشهرستاني و الإمام الخميني. 
يعتقد أتباع هذه الدائرة إنّ إطار الدائرة الکبرى ضيق، فيضيفون إلى تصنيفاتها الثنائية حالات أخرى کثيرة. و لا يقف اهتمام هؤلاء عند الفصل بين الأديان السماوية و الفرق الوضعية أو بين الإسلام و سائر الأديان الأخرى، و إنّما الفصل بين المذاهب الکلامية في إطار الإسلام، حيث يميّزون أيضاً بين الشيعة و السنة و الأشاعرة و المعتزلة و اليزيدية و الخوارج و الإباضية. کما يستعرضون أکثر من 70 فرقة من الفرق الإسلامية (کما ورد في کتاب الملل و النحل للشهرستاني)، بل و يؤمنون بأکثر من هذه الفرق، حيث يعتقدون بـ (الفرقة الناجية)؛ الناجية هي واحدة من الفرق الإسلامية و سائر الفرق في نار جهنم و في ضلال مبين. [بالاستناد إلى الحديث النبوي الشريف في کلام الترمذي]
د- الدائرة الأصغر : دائرة الفقه. رواد هذا المذهب هم أئمة المذاهب الفقهية العديدة، من أئمة السلف و المعاصرين و من الذين يفتون في البلدان الإسلامية المختلفة مثل الإمام الخميني (رحمه الله). في هذه الدائرة تکون التصنيفات داخل الفرق الکلامية متساوية. مثل تصنيف أهل السنة إلى الشافعية و الحنبلية و المالکية و الحنفية! و تعزيز الحدود الموجودة بين المذاهب المختلفة لمن يريد تغيير مذهبه من الشافعي إلى الحنبلي. 
المخطط الهندسي للدوائر الإسلامية الأربع:
کما نلاحظ في هذا المخطط، فإنّ الإمام الخميني (رحمه الله) من رواد کل من الأقسام الأربعة المذکورة. و هذا يعني إنّه من وجهة نظر الباحث لا ينبغي للعالم المجتهد أن يحصر نفسه في دائرة واحدة، و إنَما يجب أن يمتلک شخصية متعددة الجوانب، و أن ينظر إلى القضايا من زوايا فکرية متعددة و مترابطة بعضها ببعض، لکن هذه الحالة لا تحدث إلّا نادراً، و ذلک بسبب التناقض الظاهري الذي يُلاحظ منذ الوهلة الأولى بين هذه الدوائر. و بالتالي فإنّ الذي يريد تمثيل الإسلام في الحوار مع سائر الحضارات و الأديان الأخرى يجب عليه تحديد وجهة نظره تجاه الإسلام بصورة شفافة و واضحة، و في أيّ دائرة يضع الإسلام؟! في الدائرة الأکبر؟! أم في الدائرة الکبرى؟! أم في الدائرة الأصغر؟! أم في الدائرة الصغيرة؟!
و من بين هذه الدوائر المطروحة، فإنّ الدائرة الأهم التي قد تمتلک أهلية الحوار مع الآخرين هي الدائرة الأکبر و أتباعها. و في المقابل، فإنّ الدائرة الأصغر و أتباعها أيضاً هي الأقل أهمية بين الدوائر. من هنا يتّضح لنا سرّ نجاح و انتصار الجمهورية الإسلامية في إيران في نشر اقتراحها القائم على تسمية سنة 2001 م بعام حوار الحضارات، و کذلک نجاح المنظّرين المسلمين، و ذلک لأنّهم اختاروا منظومة و مقاربة الدائرة الأکبر في العلاقات الدولية!

3-10.    لغة القرآن و علاقتها بعولمة الإسلام
قد تتبادر إلى أذهاننا في‌ بعض الأحيان هذه المسألة و هي إنّ نزول القرآن الکريم باللغة العربية و التأکيد على ذلک في الآية الکريمة (إنا أنزلناه قرآنا عربيا لعلکم تعقلون) ربّما يعزّز الرأي القائل بالنظرة العرقية و القومية للقرآن و هو ما يتناقض مع عالمية هذا الکتاب الکريم.  لا سيما و أنّ المسلمين يزعمون بأنّ محتوى القرآن ليس وحياً منزلاً‌ من الله تعالى بل إنّ الموحى هو شکله و ألفاظه فقط. کما يقولون بأنّ النبي الأکرم (صلّى الله عليه و آله و سلّم) لا دور له في صياغة ترکيبة القرآن و مصطلحاته و ألفاظه، بل ليس مخوّلاً بتاتاً لتغيير أي حرف في القرآن الکريم (ولَو تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ [الحاقّة-44] لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ [الحاقّة-45] ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الْوَتِينَ [الحاقّة-46] فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ ) .
تتعقّد هذه المشکلة و تکبر مع مسيرة علم اللغة الحديث الذي‌ يعتقد طبقاً‌ لإحدى نظرياته بأنّ الفکر هو اللغة؛ و ذلک لأنّ علماء اللغة المعاصرين کما السابقين لا يعتقدون بأنّ اللغة أداة للتعبير عن الأفکار و الأحاسيس بين أفراد البشر، بل إنّ اللغة عندهم هي عين الفکر، و لکن بالنسبة لهذه القضية، عنيتُ اعتبار اللغة و الفکر سيان، لا بد من الإشارة إلى هذه الملاحظة و هي‌ إنّ الفکر لغة صامتة، و اللغة فکر ناطق. و يکمن الاختلاف بين هذين الاثنين في کون أحدهما داخل جسم الإنسان و الآخر خارجه. و نعني بذلک إنّ اللغة العربية هي‌ أشبه بالإناء أو الوعاء لإبراز دعوة ما عند أشخاص معينين، بحيث إنّ الوعاء غير العربي لا يستوعب مثل هذه الدعوة؛ و ذلک لکون اللغة العربية قد رسمت لنفسها إطاراً عالمياً، زاعمةً أنّ نظرتها نظرة عالمية و تشمل جميع أبناء البشرية.
و لکن ما يزيل هذه المشکلة هو، إنّ نزول القرآن الکريم باللغة العربية ليس المقصود به إنّ اللغة العربية أفضل من اللغة الإنجليزية أو الفرنسية، و إنّما يتّفق عدد من العلماء المسلمين مع العالم اللغوي الکبير "نعوم تشومسکي"   الذي يعتقد بأنّ جميع اللغات – حتى اللغة الأفريقية التي‌ في طور الانقراض – متشابهة وتحمل ذات القيمة من حيث البنية و الهيکل و التراکيب القواعدية و النحوية.

3-11.    هل يفکّر الإسلام في تقنين الاختلافات أو المشترکات؟
لا شکّ في‌ أنّ المقاربات و المنظومات البشرية التي‌ تسعى إلى تقنين الاختلافات بين البشر تواجه صعوبات جمة، و ذلک لأنّها على هذا النحو تدفع بالحضارات الإنسانية نحو الغوص أکثر فأکثر في التعصّب و الصراعات القومية و القبلية.
في المقابل، فإنّ المقاربة التي تؤمن بالمشترکات الإنسانية أيضاً تعاني من مشکلة أخرى و هي عبارة عن تهميش الخصائص و الخصال اللازمة للحضارات الإنسانية. فالدعوة إلى طرح الفوارق و الاختلافات جانباً تفرض على المجتمعات الإنسانية رؤية أحادية، فتصبح التوجهات و الميول الإنسانية في هذه الحالة متطابقة و بلون واحد کما هو الحال مع الحيوانات و بصفة خاصة الغنم.
لهذا السبب يجب على حوار الحضارات أن يخطو باتجاه تحقيق الهدفين التاليين و هما: 1- توحيد أفراد البشرية في أسرة واحدة 2- احترام الخصوصية الشخصية.
و ليس عبثاً أن يکون التحذير الأول لـ محمد إقبال للمتحاورين من مختلف الحضارات أولاً‌ و قبل کل شيء الإيمان بقدراتهم و العودة إلى ذواتهم و أن يتقصّوا جوهر الحب و الأسرار في عقائدهم و أفکارهم و يرتقوا بها، و من ثم يرمقوا بأنظارهم التقدّم الصناعي للآخرين ليصنعوا مزيجاً‌ من هذين الاثنين" .
بناءً على ما تقدّم، سوف نناقش أدناه الرؤية الإسلامية من أجل تحقيق الهدفين المذکورين آنفاً:

3-13-1 تقنين مبدأ الخلافات في الإسلام
إذن، استنتجنا فيما سبق بأنّ الإنسان خُلق ليکون متمايزاً، و الناس أيضاً تسالموا على أنّهم متمايزون بعضهم عن بعض، هذا الأمر ليس بغريب، لأنّه بحسب ما جاء في القرآن الکريم (إِنَّا خَلَقْنَا الإنسانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ) ، و يقول هنتنغتون أيضاً: "الدين أهم مظهر لتمايز الحضارات ... الأديان السماوية هي‌ استمرارية تکاملية لبعضهم بعضاً، و جميعها تؤمن بأنّ أصل البشرية من نفس الأب و الأم" .
على هذا الأساس، يشير القرآن الکريم دائماً إلى بعض الألفاظ التي تعنى بالتعددية و الاختلاف بين البشر و يؤکّد عليها:

-    من بينها، إنّ الله خلق الناس من شعوب و قبائل و ألوان مختلفة.
-    و کذلک يشير القرآن الکريم إلى اختلاف ألسنة الناس، و اختلاف الألسن يؤدّي إلى اختلاف الآراء و الأفکار.
-    کما يشير القرآن الکريم إلى الناس بلفظ "الزمرة: و هي تشمل جماعة الکفار أو المؤمنين" (وسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا )  و (وسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ) 
-    و من بينها أيضاً تسمية القرآن الکريم للکتب السماوية بـ (الفرقان)، و هذا اللفظ يشير صراحة إلى تمييز أو فصل الناس الحق عن الباطل.
-    اختلاف الشرائع کما جاء ذکر ذلک في الآية الکريمة 48 من سورة المائدة. (لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً ومِنْهَاجًا ولَو شَاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً).
-    و لعلّ أهم مظاهر التعددية، هو تعدّد الطرق. حيث يقول الله تبارک و تعالى في‌ القرآن الکريم: (والَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وإِنَّ اللهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ) .
-    و کذلک الآية الکريمة 16 من سورة المائدة المبارکة (يَهْدِي بِهِ اللهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلاَمِ) و کما ورد في الحديث النبوي الشريف: «الطرق إلى الله بعدد أنفاس الخلائق».
من هذا المنطلق، يجب على کل فرد الدفاع عن ذاته و خصوصياته بوجه السلوک و الأفکار و العقائد المختلفة عنه.

3-13-2 تقنين مبدأ المشترکات في الإسلام علی العکس ممّا قلنا سابقاً، الناس أعضاء في أسرة واحدة ينزعون إلی الاندماج و الانسجام و التعايش فيما بينهم. يعتقد توينبي : "من البديهي أن تنطوي‌ الحضارات علی خصائص مشترکة لأنّها من صنع البشر" . القرآن الکريم أيضاً يذکر اللفظ الذي يشير إلی الطبيعة الموحدة التي جمعت أفراد البشرية دفعة واحدة:

-    من بينها أنّ الناس يمتلکون فطرة إلهية واحدة. (و فطرة الله التي فطر الناس عليها و لا تبديل لخلق الله).
-    و الأهم من ذلک: لفظ الصراط علی العکس من "سبل" لم یستخدم في صيغة الجمع أبداً. فالقرآن الکريم يتحدث دائماً عن صراط واحد يجتمع عليه جميع المهتدين. (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه) .


4.     خلاصة البحث:
فيما يلي نقدّم خلاصة للنتائج المستفادة من هذه الورقة:
1 – تعمل الفوارق الثقافية و الحضارية على تمايز شعوب العالم و انفصال بعضها عن بعض، و من جهة ثانية فإنّ المشترکات البينحضارية تؤدّي إلى الارتقاء بالتعاون الدولي. و في البين، لا بدّ من وحدة المذاهب الإسلامية على صعيد العالم، و وحدة أصحاب اللغة على المستوى الدولي. 
2- نحن نؤمن بأنّ الحقيقة المطلقة واحدة في جوهرها، و متعددة في‌ أمثلتها و مصاديقها، و نسعی إلی تحقيق سعادة البشرية. و نسعى إلى تحقيق السعادة الإنسانية. لقد جاء ديننا الإسلامي الواحد لتنعم البشرية بالسعادة. و إذا ثبت في يوم ما إنّ ثمة طريق أفضل من الإسلام للوصول إلى السعادة لن نتوانى عن ترکه و نسلک ذلک الطريق. نحن نؤمن بأنّ الطريق الأفضل هو طريق الإسلام الحقيقي و هو الإسلام المتطور.
نحن نؤمن بهذه التعدّدية و التکثر في نظام الطبيعة الذي تولّدت عنه الاختلافات و التباينات و التحديات. نحن نؤمن بأفضلية الإسلام بالمعنى الواسع لکلمة (الإسلام) – أي التسليم لحکم الله و هو الحقيقة المطلقة -. علی هذا الأساس، لو تأکّد لنا عبر طريق الحوار المتبادل أو الاستقصاء الشخصي إنّ ثمّة طريق آخر غير الإسلام – الذين نؤمن به اليوم -، و إنّ هذا الطريق قادر علی هداية البشرية إلی طريق الحق علی أفضل وجه، فسوف نتخلی عن طريق الإسلام و نؤمن بالطريق الجديد بوصفه الإسلام الحقيقي، و کأنّ الإسلام السابق الذي کنّا نؤمن به کان عبارة عن تصوّر غامض عن الإسلام.
3- آلية الفلسفة الإسلامية لدفع عجلة حوار الحضارات إلى الأمام توظيف الحکمة المتعالية لـ "صدر الدین الشيرازي" أو " الوحدة التشکيکية".

فهرس المصادر:

القرآن الکريم.
-  حقيقت، صادق (2008 م).گفتگوي تمدن ها ، قم: مؤسسة طه الثقافية.   
 - ديفيد، رينيه ( 1990 م). نظام هاي بزرگ حقوقي معاصر. ترجمة: حسين صفائي، نشر دانشگاهي. 
-    ابراهيمي، نبي الله (2013 م). عدالت، گفتگو و امنيت بين المللي. فصلية «مطالعات راهبردي»، السنة 16، العدد 3.
-    اميري وحيد، مجتبي (2007 م). نظريه برخورد تمدنها: هانتينگتون و منتقدانش. منشورات وزارة الخارجية الإيرانية.
-    بزرگمهري، مجيد و احمديان، فاطمة (2013 م). مؤلفه هاي مشترک صلح در نظريه ي سازه انگاري و ايده ي گفتگوي تمدن ها، فصلية «سياست خارجي»، السنة 27، العدد 3، 637 - 657.
-    توين بي، آرنولد (1991 م). مؤرخ و تاريخ. ترجمة: حسن کامشاد، منشورات خوارزمي.
-    تي وود، جوليا (2001 م). ارتباطات ميان فردي. ترجمة: مهرداد فيروز بخت، طهران: منشورات مهتاب.
-    تي وود، جوليا (2001 م). ارتباطات ميان فردي، ترجمة: مهرداد فيروز بخت، طهران: منشورات مهتاب.
-    حائري، محمد حسن (بلا تاريخ). اقبال و گفتگوي تمدن ها، مجلة «علوم انساني»، طبع: معهد دراسات العلوم الإنسانية و الدراسات الثقافية.
-    خانيکي، هادي، 2004 م. گفتگو ازمفهوم زباني تا معناي جهاني، مجلة «علوم اجتماعي»،  العدد الأول.
-    دبير زاده، شهريار (2003 م). تأثير گفتگوي تمدن ها بر سياست خارجي جمهوري اسلامي ايران. مجلة  کلية الحقوق و العلوم السياسية، 65، 239 -265.
-    ديورانت، ول (1993 م). تاريخ تمدن، ترجمة: حميد عنايت و آخرون، طهران: منشورات اميرکبير.
-    ربکا والاس (2003 م). حقوق بين ‌الملل. السيد قاسم زماني و مهناز بهرام‌لو، طهران: مؤسسة الدراسات و البحوث الحقوقية.
-    ربکا والاس (2003 م). حقوق بين‌ الملل، السيد قاسم زماني و مهناز بهرام‌لو، طهران: مؤسسة الدراسات و البحوث الحقوقية.
-    رولان، رومن (1921 م). مهاتماگاندي. ترجمة: محمد قاضي، ط. 2، (عن مقالة اتحاد تمدن‏ها).
-    السيد حسين ، نصر (2006 م). قلب اسلام. ترجمة:  السيد محمد صادق خرازي، طهران : نشر ني 
-    الطباطبائي ، السيد محمد حسين ( 1995 م). تفسير الميزان، ج. 10، ترجمة: السيد محمد باقر موسوي همداني، ج. 5،‌ قم: مکتب انتشارات اسلامي.
-    الطباطبائي، السيد محمد حسين (1340/ذي القعده 1380). صدر الدين محمد ابراهيم الشيرازي مجدد فلسفه اسلامي در قرن 11 هجري، منشورات جامعة طهران.
-    ظريف، محمد جواد و السيد محمد کاظم سجاد پور (2008 م). ديپلماسي چند جانبه؛ نظريه و عملکرد سازمان هاي بين المللي و منطقه اي، طهران: مکتب الدراسات السياسية و الدولية.
-    فتحي واجارگاه، کورش و آخرون (2008 م). "شناسايي و اولويت يابي مهارت هاي زندگي مورد نياز بزرگسالان براي لحاظ کردن در برنامه هاي درسي مدارس"، فصلية «تعليم و تربيت»، العدد 93، 69 – 101.
-    مشيرزاده، حميرا (2004 م). مقاله ي گفتگوي تمدن ها از منظر سازه انگاري. مجلة «سياست خارجي»،  63، 169 - 201.
-    منوچهري، عباس (2005 م). گفتگوي تمدن ها و صلح جهاني، مجلة «نامه ي فرهنگ» ، العدد 56، 73 – 93.
-    موحد، ضياء (2003 م). از ارسطو تا گودل، طهران: هرمس.
-    الموسوي الخميني، روح الله (1989 م). ولايت فقيه، منشورات عروج انديشه.
-    نصر، السيد حسين (2005 م). جوان مسلمان و دنياي متجدد، ترجمة: مرتضي اسعدي، طهران: طرح نو. 
-    نوري نيا، حسن و عبدي، عباس، ديدگاه روزنامه نگاران ارشد درباره گفتگوي تمدن ها.
-    هنتنغتون، صامويل (1997م). سخنراني اسلام و غرب: از منازعه تا گفتگو در دانشگاه قبرس،‌ ترجمة: محمود سليمي، طبع: معهد دراسات العلوم الإنسانية و البحوث الثقافية.

Islamic Principles of Dialog among Civilizations

Abstract:
During recent years there has been vast propaganda on ways of setting peace and living peacefully in the world. In a pessimistic approach toward human life, activities done in this field don’t worth much. Based on this deduction such activities are far from the modern reality of global tendencies which always warn us to get away from evil and also are committed to fight for survival as a biological principle. On the other side there is an optimistic idea which considers every man as parts of a family and always tries to reduce the distance; therefore this article is an attempt on an Islamic attitude toward the principle and origin of “dialogue” which we looked into it in a descriptive and analytic method. In this article there has been emphasized on the place of different deductions even in religions like Islam. By knowing that every one of these different deductions would find their way and would gain their profit from different human processes and social wishes. The examples and inclusions of this approach has been tested in complicated global events in order to give mankind the opportunity to choose the best way of slowly reaching on what he assumed is right.
Keywords: Dialogue Among Civilizations, Differences and Similarities, Cultural Globalization, Humanistic Values

منبع: دبیرخانه مجمع اندیشمندان ایران و جهان عرب
 
امتیاز دهی
 
 

خانه | بازگشت |
Guest (PortalGuest)


Powered By : Sigma ITID