المؤتمر الدولي للحوار الثقافي بين إيران والعالم العربي اللا عنف من المبادئ الأساسية المهمة والخطيرة فهو ما يتعلق بالتسامح، واللا عنف مشتقة من الروح الإسلامية حيث أن العنف أواللا عنف قضية تتعاطى مع العالم برمته وليس جزئياً في داخل النطاق الإسلامي، وهي لهذا تكون قضية حساسة وغاية في التأثير وتنعكس لدى الآخر سلباً أو إيجاباً بالنسبة للإسلام بصفة عامة.
د. أمل جاسم عبد الرضا                                                   المدرس أوراس نصيف
جامعة الكوفة/ كلية التربية الأساسية                                 جامعة الكوفة/ كلية التربية الأساسية

اللا عنف في الثقافة الإسلامية، سلمان المحمدي (رض) أنموذجاً
اللا عنف من المبادئ الأساسية المهمة والخطيرة فهو ما يتعلق بالتسامح، واللا عنف مشتقة من الروح الإسلامية حيث أن العنف أواللا عنف قضية تتعاطى مع العالم برمته وليس جزئياً في داخل النطاق الإسلامي، وهي لهذا تكون قضية حساسة وغاية في التأثير وتنعكس لدى الآخر سلباً أو إيجاباً بالنسبة للإسلام بصفة عامة.
ويُعرف اللا عنف بأنه سلوك سياسي لا يمكن فصله عن القدرة الداخلية والروحية على التحكم بالذات وعن المعرفة الصارمة والعميقة للنفس، فهو (أسلوب من أساليب العمل السياسي والاجتماعي يحاول أن يجعل قوة الضعيف وملجأة الأخير مرتكزاً على إثارة الضمير والأخلاق لدى الخصم أو على الأقل لدى الجُمهور الذي يحيط به ويرمي إلى ترجيح كفة الحق والعدالة). وهو بعكس مفهوم العنف الذي يعني: (الانتهاك لممتلكات الآخرين والتعدي على أرزاقهم وحرياتهم).

 الفرق بين اللاعنف والخنوع والاستسلام:
هناك من يعد اللجوء إلى اللاعنف نوع من الضعف، وقلة العزم، والعجز عن المواجهة وانه نوع من الاستسلام والخنوع، وبما ان هذه المصطلحات تتميز بمعنى اخر عن اللاعنف، فالاستسلام يعني الانقياد، ومعلوم أن الانقياد يعني الخضوع من قبل طرف لطرف آخر دون أن يكون لهذا الطرف الخاضع لأي مبادرة، أو شرط. أما الخنوع فيعني: الخضوع والذل، خنع له وإليه يخنع خنوعاً: ضرع إليه وطلب إليه وليس بأهل أن يطلب إليه. وليس هذا المعنى بأفضل حالاً من معنى الاستسلام.
وأما الاستسلام على الصعيد السياسي فيعني: التسوية التي تقضي بالتنازل المهين أمام العدو كما لو كان انتصار العدو كاملاً بحيث افقد الطرف المنهزم إرادة القتال أو الحق في التمسك بمطالبه الحقوقية.

مبدأ اللا عنف في الإسلام:
أما مبدأ اللا عنف في الإسلام فهو مثبت بالوثيقة الإلهية ومصدر التشريع الإسلامي أي بالقرآن الكريم. فبه انتشر الإسلام بين الناس وبنى دولته العادلة في المدينة بالرغم من جميع الفتن والاضطرابات التي عصفت به كان هوسياسة الأخلاق السمحة والأساليب الرحيمة التي مارسها رسول الله (صلى الله عليه وآله) مع أصحابه وأعدائه، تلك التي ذكرها القرآن الكريم في قوله: (فبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللهِ لِنْتَ لهُمْ ولو كُنتَ فَظَّاً غَلِيْظَ القَلْبِ لانْفَضُّوا مِن حَوْلِكَ).
 آل عمران/159 .
وسلمان المحمدي (رضوان الله عليه) المتوفى (37هـ/657م) واسمه: روزبة بن خشبوزان من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وآله) الذين لهم أثر بارز في المجتمع الإسلامي آنذاك، فهم الذين حملوا الرسالة بعده مع أهل البيت (عليهم السلام) وساهموا في ترسيخ دعائم الدولة الإسلامية بفضل نهجهم في التسامح واللا عنف، فهو من فضلاء الصحابة وزهادهم إذ حظي بمكانة خاصة لدى النبي (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته الكرام (عليهم السلام) وهذا واضح من أحاديث الرسول (صلى الله عليه وآله) وأهل بيته في حقه، إذ قال الرسول (صلى الله عليه وآله) في فضله: (سلمان بحر لا ينزف، وكنز لا ينفد، سلمانٌ منّا أهل البيت سلس يمنح الحكمة ويؤتي البرهان)،  وقال الإمام الصادق (عليه السلام): (الإيمان عشر درجات فالمقداد في الثامنة وأبو ذرّ في التاسعة وسلمان في العاشرة).. وهو ممن حباه الرسول بعلم البلايا والمنايا والأنساب. وعن أنس بن مالك قال: قال رسول الله (ص): (السباق اربع: أنا سابق العرب وصهيب سابق الروم وسلمان سابق الفرس، وبلال سابق الحبشة).

وتتنوع ميادين اللا عنف التي جسدها هذا الصحابي الجليل متمثلة بالآتي:
1.    اللا عنف السياسي: وينحصر نطاقه في ميدان علاقة الإنسان بالدولة. وهو ما نجده في الرسالة التي بعثها إلى الخليفة الثاني يرد على رسالته التي اتهم فيها سلماناً بالخضوع والتذلل للناس في أثناء توليه امارة المدائن.
2.    اللا عنف الاجتماعي: ويشمل هذا جميع العلاقات التي تربط الإنسان بغيره من أبناء مجتمعه. وهو مانجد مصداقه في قصة تقصي الصحابي لسبيل الدين الصحيح وتحمله ألوان الأذى والعبودية ليصل إلى عشقه (حب محمد واهل بيته عليهم الصلاة والسلام).
3.    اللا عنف الديني: ويتناول هذا القسم ميدان الأخلاق والدعوة إلى الله.
نخلص من هذا إلى أن اللا عنف في الإنسانية بعامة وفي الإسلام بخاصة صورة لا تمت الى القوة بصلة فهو أسلوب من أساليب العمل السياسي والاجتماعي تستبعد القوة في الوصول إلى أهدافها وتفتقد التعدي على حقوق الآخرين وتقوم على أساس الاعتراف بالآخر، فاللا عنف هو ترجيح لكفة الحق والعدالة، وهذا الهدف لا يتناسب قطعاً مع الخنوع والاستسلام، فهومبدأ يقوم على أسس وقواعد يسير على وفقها اللا عنفيون في كفاحهم من اجل أي قضية.  
 
منبع: دبیرخانه مجمع اندیشمندان ایران و جهان عرب
 
امتیاز دهی
 
 

خانه | بازگشت |
Guest (PortalGuest)


Powered By : Sigma ITID