التيارات الفکرية الإيرانية و العربية المتعدّدة؛ خطوة أولى نحو الحوار - محسن الویری إنّ واقع النزاعات الداخلية المرير الذي تعيشه الساحة الإسلامية اليوم دفع الکثير من المفکرين إلى التأمّل و التوقّف عند هذه المسألة، و لم يجدوا غير الحوار بديلاً للخروج من هذه الأوضاع السائدة. نحاول في هذه الورقة مناقشة مفهوم الحوار و بعض خصوصياته بالاستناد إلى مقولة التجربة المعاشة (Lived Experience)، و بعد ذلک نبيّن أهمية الحوار العربي - الإيراني و توافر الظروف ... نبذة:
إنّ واقع النزاعات الداخلية المرير الذي تعيشه الساحة الإسلامية اليوم دفع الکثير من المفکرين إلى التأمّل و التوقّف عند هذه المسألة، و لم يجدوا غير الحوار بديلاً للخروج من هذه الأوضاع السائدة. نحاول في هذه الورقة مناقشة مفهوم الحوار و بعض خصوصياته بالاستناد إلى مقولة التجربة المعاشة (Lived Experience)، و بعد ذلک نبيّن أهمية الحوار العربي - الإيراني و توافر الظروف المساعدة على إنجاحه و إمکان تعميم هذا النموذج الحواري على بقية أنواع الحوارات في الأمة الإسلامية، و من ثمّ نستعرض ينبغيات الحوار لنتناول قضية معرفة کل طرف للآخر بصورة خاصة بوصفها الخطوة الأولى على طريق الحوار،  و نطرح اقتراحاً بأن تستند  التيارات الفکرية في العالم العربي و إيران في هذه المعرفة إلى خمسة مقومات هي: الجينالوجيا و الموقع و الأسس الفکرية و الدينية و القاعدة الاجتماعية و الموقف إزاء القضايا الجوهرية للأمة الإسلامية، و أن يتعرّف بعضها على بعض من زاويتي النظر إلى الذات و النظر إلى الآخر. و رأينا أنّ هذا يقتضي استحداث أمانة عامة في إحدى المؤسسات التي تحظى بثقة المفکرين في العالم الإسلامي. 
الکلمات المفتاحية: الحوار، إيران، العالم العربي، الأمة الإسلامية، المتنورون، علماء الإسلام.

المقدمة و عرض الموضوع
لعلّ ما يشهده العالم الإسلامي اليوم من أحداث هو أمرّ و أقسى ما شهدته الأمة الإسلامية في القرنين الأخيرين من تاريخها. و قد تحدّث المفکّرون و رجال السياسة و علماء الدين و الفنانون و الجامعيون و نخب المجتمع على اختلاف شرائحها عن هذا الواقع المرير و عبّروا عن هواجسهم من استمرار الأوضاع الراهنة. و لو رجعنا إلى الکتب و المقالات و الصحف و قواعد البيانات للمسنا بوضوح هواجس النخبة و قلقها. و ترکّز القلق من أوضاع الأمة الإسلامية في العقود القليلة الماضية، في الأغلب، على موقعها إزاء الحضارة الغربية، و من منظار أوسع، امتد هذا القلق إلى أوضاع التخلّف و المشاکل التي حالت دون حصول تطوّر حضاري. جاء في محاضرة لمالک بن نبي ألقاها قبل 45 سنة:  هذه الأمة أصبحت تعاني الأزمات المتنوعة التي قد نجمعها في کلمة واحدة و نسميها الأزمة الحضارية . بيد أنّ القلق في الوقت الحاضر ينصبّ بشکل رئيسي على القضايا التي تحدث في داخل العالم الإسلامي، و ربّما أمکن القول إنّ التأکيد على مقولة أولوية منابع الأمة الإسلامية على کلّ شيء  تحوّلت إلى خطاب نخبوي عام . 
لا شک في أنّ سبر أغوار الأوضاع الراهنة المؤسفة للوقوف على العوامل و الظروف التي تسبّبت بوقوعها سوف يساعدنا کثيراً على فکّ هذه العقدة المستعصية، و لکن يبدو إنّنا اليوم صرنا أحوج إلى التفکير في المستقبل بدلاً من بذل المساعي لفهم الماضي. نعم، لا جدال في صحة الحکمة القائلة، إذا لم نفهم الماضي بشکل صحيح لن يسعنا أن نخطو خطوات صحيحة صوب المستقبل، لکنّ الصحيح أيضاً هو أنّنا تحدّثنا عن الماضي بما فيه الکفاية، و قد آن الأوان لنتوجّه بأنظارنا صوب المستقبل. 
و الآن، ألم يأن أن نجيب عن هذا السؤال: ما الذي ينبغي فعله إزاء المعضلات المشترکة التي تعصف بالمجتمع الإسلامي؟ و من أين نبدأ؟
يقيناً، إنّه إذا نظر کل منّا إلى هذا الموضوع من زاويته الخاصة، و اقترح حلولاً أحادية، و اعتبر أنّ نظرته هي الصائبة، و وضع کل جهده لتطبيق تلک الحلول، و أکره الآخرين على اتباع نهجه و الانخراط في مشروعه، فلن نجني من هذا النهج إلّا مزيد تعقيد في الأوضاع، و إضافة عقدة إلى العقد المستعصية التي نعاني منها حالياً. 
إذا آمن کل شخص أو تيار بفکرة معينة أو حمل موقفاً خاصاً و ظنّ أنّ فکره و موقفه إنّما هو عقيدة عامة يؤمن بها الجميع، و اعتقد أنّه قادر على النظر بمفرده إلى العالم الإسلامي من جميع الزوايا و على حلّ جميع مشاکله، فقد أغلق الباب في أول خطوة يخطوها أمام جميع الفرص المناسبة التي يقدّمها الآخرون لحل هذه المشاکل. من هنا نقول، إذا کنّا نبحث عن حلول عامة لمعضلات العالم الإسلامي، يجب على کل مفکّر حريص على مصير هذه الأمة أن يعترف، أولاً: إنّه ليس الوحيد الذي يشعر بالهموم التي يعانيها واقع العالم الإسلامي، ثانياً: ليس الوحيد في هذه الأمة الإسلامية الواسعة الذي يبحث عن حلول لتلک الهموم، بل هناک آخرون يطرحون العديد من الحلول، و ثالثاً: يجب أن يؤمن بهذه القاعدة و هي، إنّ هذه الحلول المختلفة لن تحقّق النتيجة المنشودة ما لم يکن هناک اتحاد أو تعاضد. 
 
المخطط رقم 1 ـ أسباب الاهتمام بأفكار الآخرين فيما يتعلّق بمشاكل الأمة الإسلامية
في ظلّ هذه الظروف و امتثالاً لهذه المقدمة، يبدو أنّه لا يوجد سبيل لفهم الواقع و الإحاطة بالمشاكل القائمة بصورة صحيحة و العثور على حلول مناسبة لها إلّا عبر الحوار و التواصل. و على حدّ تعبير أحد الكتّاب: الآن و قد سلّمنا بأنّ الحكمة و الفطرة و العقل السليم كلّها تقتضي منّا أن نتحاور، علينا أن نوجّه دعوة عامة للدفع بقوة نحو توسيع منطق الحوار . لذا، انطلاقاً من هذه الفرضية نسعى في هذه الورقة إلى مناقشة أحد شروط الحوار و ذلك بعد أن نوطّئ لبضعة ملاحظات تمهيدية.

إضاءة على مفهوم الحوار و أبعاده
يعتبر الحوار، أي التحادث و تبادل الكلام بين شخصين على الأقل، الصورة الأساسية الأوسع في العلاقات الإنسانية ، فهو يشكّل الحالة المفترضة و الأرضية المشتركة للكثير من النظريات و النماذج التواصلية لدرجة يُخيّل إلينا إنّ من العسير شكلنة هذه النظريات و النماذج إلّا في إطار ترسيم ملامح الحوار، و لعلّ هذا الأمر يفسّر المنحى التصاعدي لحجم التحليلات و النقاشات المطروحة حول طبيعة الحوار و أبعاده منذ العام 1960 م فما بعد . بيد أنّ مفهوم الحوار كاستراتيجية أو كنهج  لم يظهر إلّا في العقود الأخيرة مع القراءة التي طرحها يورغن هابرماس (1929 ـ على قيد الحياة) في سياق نظريته الشهيرة "الفعل التواصلي" على صعيد المجال العام، فارتقى بالحوار بوصفه أهم أداة للتفاهم و تبادل وجهات النظر، إلى موقع مرموق . عدا الوظيفة العامة للحوار، فإنّه يوظّف أيضاً كمادة علمية في العديد من العلوم مثل علم الاجتماع و الاتصالات و الإدارة و الأخلاق و المنطق و العلوم السياسية، و قد تمّ تدوين نصوص و مصادر رصينة في هذا الموضوع. فعلم الاجتماع ينظر إلى الحوار كظاهرة اجتماعية، كما يدرس علم الاتصالات عملية إنتاج الرسائل و إرسالها خلال الحوار و أنماط هذا الحوار، أما علم الإدارة فيبحث في كيفية إجراء حوار ناجح (المفاوضات)، بينما يتناول علم الأخلاق إيجابيات الحوار و سلبياته، و في علم المنطق يناقش الجدل باعتباره أحد الصناعات الخمس بعض أبعاد الحوار، و في علم السياسة يعدّ الحوار أحد الموضوعات التي يركّز اهتمامه عليها من خلال أساليب ممارسة السلطة و النفوذ و كذلك يستخدم كآلية في توظيف الجهود و المساعي في سبيل التوفيق بين المصالح. كما يمكن أن نستقصي آثار الحوار في علوم أخرى مثل علم النفس الاجتماعي .
في النصوص الدينية، لا سيّما في كتابنا المقدس نحن المسلمين، القرآن الكريم، يحظى الحوار بأهمية استثنائية . فهناك العديد من الألفاظ القرآنية الدالة على مفهوم الحوار، و أكثرها شيوعاً و تداولاً مشتقات المصدر ق.و.ل التي وردت 1722 في القرآن الكريم . و ربما أمكن القول بأنّ الآيات من 27 إلى 29 من سورة المائدة المباركة تبيّن إنّ الحياة الاجتماعية للبشر بدأت بالحوار، عنيتُ، الحوار الذي جرى بين هابيل و قابيل . و بالإضافة إلى ما ورد في كتب التفسير من شرح على الآيات المذكورة آنفاً، عن طبيعة الحوار و آلياته و أحكامه و آدابه، فقد أفرد الباحثون القرآنيون مؤلفات مستقلة في هذا المجال . كما يمكن أن نستلهم من سيرة المعصومين (عليهم السلام)  و جمهرة الروايات ذات الصلة بآداب المعاشرة و ينبغيات اللسان و الكلام الكثير من الملاحظات المفيدة و المهمة حول الحوار . ناهيك عن أنّ كتب المناظرات اهتمّت كثيراً بموضوع الحوار كموضوع مستقل استحوذ على الاهتمام و النقاش في أروقة الحضارة الإسلامية . و أخيراً، فإنّ النجاح الباهر الذي حقّقته تجارب المصلحين من أمثال الإمام موسى الصدر في فكّ العقد الاجتماعية المستعصية بالاستعانة بنهج الحوار يمثّل ساحة أخرى من ساحات السيرة العملية لعلماء امتازوا بنظرة ثاقبة و إحاطة باستحقاقات العصر و مستلزماته .
لعلّ المائز الرئيسي الذي يميّز الحوار عن سائر الارتباطات الكلامية الثنائية مثل المناظرة و التفاوض و الإبلاغ و الدعوة هو أنّ الهدف الأصلي من الحوار يتمثّل في فهم كلام الطرف الآخر، و إفهامه مقاصدنا للوصول عن هذا الطريق إلى نتيجة محدّدة. نعم، قد لا تكون عملية إفهامه مقاصدنا خالية من أغراض الدعاية و الإقناع، لكنّها لا تعتبر كأهداف رئيسية في الحوار. إنّ ما تحمله لفظة الحوار تؤكّد على ضرورة عملية الذهاب و الإياب أو الأخذ و العطاء (المرادّة) . و يستبطن الجذر الثلاثي "ح.و.ر" مفهوم العودة و المراجعة في جميع استخداماته اللغوية و الاصطلاحية تقريباً . المقصود بالحوار هنا هو، حين أعطي لنفسي الحق في الكلام، يجب عليّ بنفس المقدار أن أعطي هذا الحق للطرف الآخر أيضاً، و إنّ كلامي يستحقّ الإصغاء، بنفس المقدار الذي يستحقّ فيه كلام الطرف الآخر الإصغاء أيضاً، و إذا كنت أعتقد أنّ كلامي يقوم على أساس منطقي متين، فإنّ للطرف الآخر نفس الحق في الاعتقاد بأنّ كلامه مبني على أساس منطقي متين، و كما أنّ الطرف الآخر قد لا يحسن فهم كلامي، فأنا أيضاً قد لا أُحسن فهم كلامه، و كما أنّه قد لا يتسنّى لي فهم كلامه، فهو أيضاً ربما لا يفهم كلامي و يعترض عليّ، و كما أتوقّع أن ينصت إلى كلامي بإنصاف و دون أحكام مسبقة، عليّ أنا أيضاً أن أصغي إلى كلامه بإنصاف و دون خلفيات أو أحكام مسبقة. و ليس ببعيد عن المنطق، أن تعزى المكانة الرفيعة للحوار، قياساً بسائر أنواع الارتباطات الكلامية  في مختلف العلوم إلى هذه الخصوصية الحوارية.

وقفة تأمل عند باب المنهج
إنّ الحديث عن العلاقات العربية - الإيرانية يحتاج إلى خزين واسع من العلوم السياسية و الثقافية و التاريخية و العلاقات الدولية، و توظيف الأساليب البحثية المعمول بها في هذه العلوم. مع ذلك، و في ضوء الاتجاهات الحديثة في الدراسات النوعية، لا ينبغي غضّ الطرف عن البعد التوعوي التثقيفي للتجارب الشخصية المتفرقة و إهمالها. فهذه الورقة، من الناحية الميثودولوجية، مبنية على "التجربة المعاشة"   ،  . و التجربة المعاشة تمثّل فهماً مباشراً للموضوع و نوعاً من الوعي المباشر بلا واسطة للقضية التي يدركها الشخص ضمن نسيج   أو حالة معيّنة  . في هذا الأسلوب، يلجأ الباحث إلى جمع المعلومات و يقترب من دائرة التجربة المعاشة ليستلهم منها عبر التجارب و المعطيات و المطالعات الشخصية، بدلاً من الاستعانة بالأساليب التقنية مثل دراسة الوثائق و إجراء المقابلات و استطلاعات الرأي. تتبلور التجربة المعاشة بالنسبة لصاحبها على ثلاثة مستويات هي الزمان و المكان و العلاقات. و هي تجربة تتلاءم، بطبيعة الحال، مع مستوى وعي الفرد و قدراته و اتجاهاته، و من جهة أخرى، فإنّ للزمان و المكان و العلاقات التي يقيمها الفرد شخصياً تأثيراً على تبلور هذه التجربة. بناءً على هذا، فكاتب هذه الورقة و إن كانت تنقصه تجربة الإقامة الطويلة في البلدان الإسلامية العربية، إلّا أنّه، على غرار الكثير من الجامعيين، متابع دائم للقضايا الكبرى في العالم الإسلامي عبر مختلف الطرق کالمطالعة و المشاركة في المحافل و المؤتمرات الوطنية و الدولية. لذا يجب النظر إلى قدراته، فيما يتعلّق بموضوع هذه الورقة، في حدود کونه مواطناً إيرانياً له تجربة تدريس في الجامعات و الحوزات الدينية العلمية و ذو ولع شديد بمتابعة مشاكل العالم الإسلامي و الأمة الإسلامية، و يمتلك تجربة متواضعة عن العالم العربي، و ليس أبعد من هذا.

أهمية الحوار العربي - الإيراني
من المعلوم إنّ العالم الإسلامي خليط من شعوب متنوعة، و إنّ الحوار في هذا العالم يعني حوار كل هذه الشعوب و الأمم بعضها مع بعض، و باعتقادنا إنّ الحوار العربي – الإيراني و للأسباب التي سنذكرها يحوز على أهمية خاصة قياساً بسائر الحوارات الأخرى، أسباب من قبيل: الدور الذي يضطلع به الطرفان على امتداد الأمة الإسلامية، خلفيتهما التاريخية الزاهرة، المشتركات التاريخية و الثقافية العديدة التي تجمعهما، تشابه التحديات الرئيسية التي واجهتهما في القرن الأخير.
 
المخطط رقم 2 ـ أبعاد أهمية الحوار العربي - الإيراني
منذ بزوغ فجر الإسلام و ظهور الأمة الإسلامية، كان للعرب و الفرس دور أصيل و فريد في الحوادث السياسية و لا سيّما في إرساء صرح الحضارة الإسلامية، لذا، فكما أنّ تأجّج الاختلافات و الصراعات بين هذين القطبين يعرّض العالم الإسلامي برمّته للخطر، فإنّ انعكاسات الحوار الناجح بينهما سوف تؤثّر إيجاباً على المسلمين و بلدانهم. إنّ اصطفاء النبي الأكرم (صلّى الله عليه و آله و سلّم) من بين أمة العرب و نزول القرآن الكريم باللغة العربية، و انطلاق طلائع الفتوحات الإسلامية و نشر رايات الدين الجديد بين الأمم الأخرى على يد العرب، و الدور الأوحد الذي لعبته اللغة العربية في زيادة عرى التعاون و التعاضد الثقافي و العلمي بين البلاد الإسلامية، كلّ ذلك يؤكّد بما لا يدع مجالاً للشك على الدور العظيم الذي لعبته أمة العرب في بناء الحضارة الإسلامية. أمّا بالنسبة للدور المؤثّر و الحاسم الذي لعبه الفرس في هذه الحضارة، فهو أوضح من الشمس و لنا في شهادات الباحثين و المستشرقين في هذا المجال خير دليل على قولنا هذا، فضلاً عن أنّ الرؤية التنظيرية التي طرحها المرحوم الشهيد مرتضى مطهري في هذا الموضوع ما تزال تحتفظ بقوّتها و حيويّتها .
الملاحظة الأخرى التي تتعلّق بأهمية الحوار العربي – الإيراني هي التجربة التاريخية الناجحة للحوار بين العالم العربي و إيران و على الأخصّ في القرنين الأخيرين. ليس بالضرورة أن يأتي الحوار كنتيجة للخلافات و النزاعات، فالتواصل بين المفكرين الإيرانيين و العرب خلال القرنين الأخيرين قدّم مثالاً يُحتذى في العلاقات البينثقافية   و لا سيّما في بعده المتمثّل في نشر التثاقف . لقد حدث التواصل الحقيقي بين إيران و البلدان العربية على مستوى المفكرين و خاصة علماء الدين لا بين المسؤولين. فالشيخ جمال الدين الأفغاني (1314 ق.) لم يكن عربياً، و كان من أتباع مدرسة أهل البيت (عليهم السلام) و لكن كان له التأثير الأكبر على البلدان العربية السنية، و من ناحية أخرى، فإنّ آراء المفكرين المصريين من أهل السنّة من أمثال سيد قطب و محمد عبده و عبد الرحمن الكواكبي (عدا الأخير الذي كان من أصول غير عربية) حظيت بإقبال كبير ليس فقط في الأوساط الأكاديمية فحسب و إنّما حتى في صفوف علماء الدين الشيعة الإيرانيين. هناك مثل شائع تردّده الألسن كثيراً في الأوساط الإيرانية  يقول إنّ الأفكار في العالم العربي تؤلَّف في مصر و تُطبع في لبنان وتُقرأ في العراق، و أنا أودّ أن أضيف مرحلة أخرى إلى هذا المثل الشائع هي مرحلة تطبيق تلك المقروءات، و ليس من باب القول الجزاف إذا قلنا إنّ هذه المرحلة الرابعة وجدت طريقها إلى التطبيق في إيران. 
البعض يعتقد إنّ زعيم الحركة الدستورية في إيران الفقيه و عالم الأصول الشيعي الكبير آية الله الميرزا محمد حسين الغروي النائيني (1355هـ.) قد تأثّر بأفكاره التي طرحها في كتابه الشهير تنبيه الأمة و تنزيه الملة بالمستنيرين العرب من أمثال رفاعة رافع الطهطاوي (1290 هـ.) و عبد الرحمن الکواکبي (1320هـ.) . و ربّما أيضاً أمكن القول بأنّ المحاورات غير المباشرة بين المرجع الشيعي الأعلى آية الله السيد حسين الطباطبائي البروجردي (1380 هـ.) و الشيخ محمود شلتوت (1383هـ.) شيخ الأزهر هي النموذج الأرفع و الأكثر تأثيراً في الحوار بين العرب و إيران في القرن المعاصر . في العقدين الأخيرين كانت القناة الرئيسية للحوار بين الضفتين على صعيد النخب تتمثّل في ترجمة أعمال مفكرين إيرانيين كبار من أمثال الإمام الخميني و مرتضى مطهري و علي شريعتي في البلاد العربية و في المقابل ترجمة أعمال رواد الإصلاح العرب إلى اللغة الفارسية، فإنّنا نشهد اليوم تواصل هذا الحوار عبر ترجمة أعمال جيل جديد من المستنيرين الإيرانيين المعاصرين من جهة، و المجدّدين في العالم العربي مثل حسن حنفي و محمد أركون و نصر حامد أبو زيد و محمد عابد الجابري من جهة أخرى . 
موضوع آخر يضفي أهمية مضاعفة على إقامة الحوار العربي – الإيراني ألا و هو المشتركات التاريخية و الثقافية الكثيرة التي تجمع بين العرب و إيران. صحيح إنّ الفرد الإيراني المسلم حين يراجع علاقته بالعرب مقارنة بسائر الشعوب الإسلامية الأخرى، سيجد، إنّه عندما يكون بجوار المسجد النبوي يرميه مشايخ الوهابية بالكفر، أو حين يخاطب الشيخ الوهابي بكلمة يا أخي فإنّ ذلك الشيخ ينهره قائلاً له كيف تسمح لنفسك أن تناديني يا أخي، و لكن على الرغم من ذلك ليس بوسع هذا الفرد الإيراني أن ينسى بأنّ نبيه قد اصطفاه الله من بين أمة العرب و أنّ كتابه السماوي نزل باللغة العربية و أنّ أئمة دينه عرب و أنّ واجبه الديني يملي عليه توقير السادة الأشراف الذين يرجع نسبهم إلى العرب و أنّ قبلته تقع في بلد عربي، و أنّ أضرحة عشرة من أئمته الإثني عشر المعصومين تقع في بلاد عربية، و أنّ العلائم الخاصة بإمامه الثاني عشر الغائب موجودة في بلد عربي، و أنّ مزارات عدد كبير من أولياء الله و من ذراري أهل البيت (عليهم السلام) منتشرة في مصر و سوريا و الأردن و العراق. يصلّي الفرد الإيراني خمس مرات كل يوم باللغة العربية، و جميع الأدعية التي يلهج بها تقريباً باللغة العربية و إنّ دستور بلاده قد اعترف باللغة العربية کلغة رسمية ثانية في البلاد. 
كما يمكن أن نبحث في العوامل المشتركة التي تجمع بين العرب و إيران من زاوية أخرى أيضاً. فبالإضافة إلى الوشائج التاريخية التي تربط بينهما، فإنّهما يواجهان تحديات مصيرية مشتركة أيضاً، و يتشاركان الاهتمام في الكثير من القضايا و الموضوعات الملحة من قبيل: التعاطي مع عالم الحداثة، و مواجهة المعضلات المتعلقة بمرحلة الانتقال إلى أوضاع جديدة، إصلاح الفكر الديني، تجديد الفكر الديني، العلمانية، التحديث و التجديد، مغادرة التراث، القومية، الماركسية، إسرائيل، النضال ضدّ النظام الاستبدادي، محاربة الاستعمار، الوهابية.
بناءً على هذا نستنتج، إنّ النموذج الذي يتسنّى وضعه لفرز أهم القضايا في القرن الأخير في إيران و يتكفّل برسم الحلول المناسبة لها، هو نفسه قابل للتطبيق في العالم العربي مع شيء من التغيير و التعديل، و العكس صحيح أيضاً.
هذه الوجوه الأربعة المشتركة التي أصبح بعضها في ذمة التاريخ، و بعضها الآخر ما زال يلازمنا، توفّر ظروف استثنائية تساعد على تمايز الحوار العربي – الإيراني مقارنةً بسائر أنواع الحوارات. و استناداً إلى هذه المشتركات يمكن أن نزعم بأنّ تحقيق النجاح في الحوار العربي – الإيراني هو بمثابة نجاح للحوار بين جميع أعضاء الأمة الإسلامية، و أكثر من هذا، يمكن أن يشكّل الحوار العربي – الإيراني نموذجاً لحوار أجزاء الأمة الإسلامية فيما بينها.

ينبغيات الحوار العربي - الإيراني
كما قلنا و نعيدها مرة أخرى، لا سبيل أمام الذين يحملون في خاطرهم همّ البحث عن حلول لمعضلات الأمة الإسلامية إلّا الحوار، و يكفينا هدراً للفرص أنّنا لم نطرح مبادرة جادة لإقامة هذا الحوار حتى اليوم. و لکن للحوار، بطبيعة الحال، مستلزمات و آثار و تبعات لا بدّ أن نأخذ بها إذا أردنا لهذا الحوار أن ينجح. في هذه الورقة، لسنا بصدد استعراض جميع مستلزمات الحوار و ينبغياته، لكنّنا ننطلق من فرضية مسبقة و هي، إنّ معرفة طرفي الحوار أحدهما للآخر يمثّل الشرط الأول و البديهي في أيّ خطوة نخطوها نحو إقامة حوار ناجح، ثم نشير إلى ملاحظة في هذا المجال و هي، إذا لم تكن لكل طرف في الحوار معرفة كافية بالطرف الآخر،  أو إذا لم تكن لديهما معرفة صحيحة بموضوع الحوار، أو كانت الثقة بينهما مفقودة، فمن الطبيعي أن لا ينتج حوار كهذا النتيجة المرجوة.
يقول مالك بن نبي إنّ أهم رسالة للمسلم في الثلث الأخير من القرن العشرين هي معرفة نفسه، و معرفة الآخرين و أن يعرّف الآخرين بنفسه. و معلوم أنّ مقصوده من الآخرين هو غير المسلمين في مقابل المسلمين. و في تفسيره لمسألة ضرورة معرفة الآخرين يقول: لا يجوز للمسلم أن يتجاهل الآخرين، و لا يجوز له أن يتعالى أو يتسامى عليهم بدعوى أنّه أعدّ للجنّة و أعدّ للتكريم . كما يرى هشام شرابي إنّ التغلّب على المخاطر الداخلية للأمة الإسلامية عبر الحوار مع الأصولية بوصفه البديل الأوحد للعنف، يمثّل أفضل طريق للوصول إلى حل تعايشي سلمي  .
لعلّ أحد الأسباب في أنّ الحوارات التي تعقد في المؤتمرات الرسمية، على الأغلب، إما عقيمة أو قليلة الثمر، هي إنّ کل طرف ليس لديه معرفة کافية بالآخر. و قد تكون معظم الحوارات المحدودة التي تجري بين المدعوين على هامش هذه المناسبات الرسمية التشريفية و بصورة غير رسمية أكثر فائدة و أبقى في الذاكرة من الحوارات الأصلية. في أغلب الحوارات الرسمية فإنّ اثنين أو أكثر يتبادلون أطراف الحديث فيما بينهم، حتى إنّهم، أحياناً، لا يعرفون أسماء بعضهم البعض بشكل دقيق، و لا يمتلك أيّ منهم خلفية عن محاوره و لا عن موقعه أو قدراته. و على هذا الأساس، يبدو أنّ أهم قضية مطروحة في هذا المضمار و كخطوة أولى لحلّها هي هذه، عنيتُ، معرفة المحاورين، أي الإجابة عن السؤال: من هو أو من هم الذين نحاورهم؟ و ليس الحوار العربي – الإيراني بعيد عن هذا. ففي هذا النوع من الحوارات يجب أولاً أن نجيب عن السؤال المطروح و هو عندما نقول الطرف الإيراني أو الطرف العربي الحاضر على طاولة الحوار فمن نعني بالضبط؟ و ما مدى معرفة أحدهما للآخر؟ من الواضح أنّ ليس كل فريق أو تيار فكري في أيّ من الطرفين له القدرة على التحاور مع أيّ فريق من الطرف الآخر، كما ليس بالضرورة أن يكون حوار أيّ تيار فكري مع تيار فكري آخر مفيداً أو يحظى بالأولوية. إذن، انطلاقاً من هذه المسألة، يجب أن يكون المدخل أو الخطوة الأولى نحو إقامة الحوار هو معرفة منظومة التيارات الفكرية و الدينية في العالم العربي و في إيران أيضاً. إذ إنّ عدم الالتفات إلى الشريحة الواسعة من التيارات التي تنضوي تحت العنوان العام للتشيّع و أهل السنّة و النظر إليها من منظار واحد، كما إنّ تجاهل القراءات المختلفة للسلفية و عدم الأخذ بنظر الاعتبار الأفهام المختلفة لموضوع التجديد الديني و التجديدية، و عدم معرفة التيارات الفكرية الراهنة و الفاعلة و المؤثرة الموجودة في الساحة الشيعية، بالإضافة إلى عشرات الموضوعات و الملاحظات من هذا القبيل، و غضّ الطرف عن تبعية الطرف المحاور لأحد التيارات، كل هذه الأمور قد لا تأتي بنتيجة سوى إهدار الفرص المتاحة أو ربّما تبديلها إلى تهديدات. إنّنا في هذه الورقة نقترح كخطوة أولى للحوار، جمع المعلومات و تسجيل المؤشرات من أجل تسليط الضوء على مختلف التيارات الفكرية في إيران و في العالم الإسلامي. القصد من هذه الخطوة تعرّف الأطراف المتحاورة بعضها على البعض قبل بدء عملية الحوار. هذا التعريف المتبادل يجب أن يتم من منظارين متغايرين تماماً و لكن باعتماد معايير موحدة: تعريف عن لسان التيارات نفسها و تعريف عن لسان الآخرين و من منظارهم. و السبب وراء طرح هذا الاقتراح هو أنّ كل فرد أو تيار يمتلك هويتين مختلفتين، هوية ينطق لسانه بها و هوية ينطق لسان الآخرين بها، أو ما نطلق عليه هوية مقبولة و هوية منسوبة، بمعنى "الأنا" من منظار الذات و "الأنا" من منظار الآخر، و "الآخر" من منظاري و "الآخر" من منظاره هو. على سبيل المثال، قد نعرّف القومية أو السلفية بنحوٍ معين، يختلف عن تعريف القوميين و السلفيين عن أنفسهم، أو إنّ الآخر يعرّف التشيّع بشكل يختلف عن التعريف الذي يقدّمه الشيعة عن أنفسهم.
 
المخطط رقم 3 ـ موقع الهوية المقبولة و المنسوبة للتعرّف على الفرد أو التيار
إذن، لكي نقطف الثمار المرجوة من إقامة الحوارات يجدر بنا قبل كل شيء أن يمتلك كل طرف في الحوار المعرفة الكافية بالطرف الآخر. 
 
المخطط رقم 4 ـ المعلومات الرباعية التي يحتاجها كل طرف من أطراف الحوار لمعرفة الآخر طبقاً للطبيعة الثنائية للهوية

محاور تحدّد معرفة طرفي الحوار أحدهما للآخر
نظراً إلى أنّ كل تيار ينتمي إلى أصول خاصة و قاعدة علمية و اجتماعية و ثقافية خاصة و له مكانة اجتماعية خاصة، و مبادئ و مواقف فكرية و جمهور خاص به، و إنّ معرفة طرفي الحوار أحدهما للآخر يمكن أن تقوم على هذا الموقف و الموضوعات الواردة في المحاور الخمسة التالية :

1.    جينالوجيا:
•    البلد
•    تاريخ النشأة
•    المسيرة التاريخية و التحوّل و الدورة 
•    الوجوه البارزة
•    التشکيلات الإدارية
•    الأعمال المنتجة
2.    الأصول الفكرية و الدينية و الطائفية:
•    الاتجاه الكلامي (العقائدي)
•    الاتجاه الطائفي
•    النظرة إلى الفكر الإسلامي
•    النظرة إلى المدارس الفكرية الغربية
3.    الموقع:
•    العلاقة بالدولة
•    حجم التأثير على التحولات
•    حجم العلاقات مع خارج البلاد
•    المنافسون و الأصدقاء
4.    القاعدة الاجتماعية:
•    طبيعة العلاقة بعلماء الدين
•    طبيعة العلاقة بالجامعات
•    السند و الدعم
•    الأعضاء الرسميون و غير الرسميين
•    الجمهور
5.    المواقف حيال القضايا الجوهرية للأمة الإسلامية:
•    التراث الإسلامي
•    الحضارة الغربية
•    الجنسية
•    الحضارة الجديدة
•    القضايا المتعلقة بالإنسان المسلم المثالي في القرن الحادي و العشرين: الحرية، الكرامة، العزّة، المسؤولية، العبودية، المستوى الثقافي و المعرفي و غير ذلك
•    القضايا ذات الصلة بالمجتمع الإسلامي المثالي في القرن الحادي و العشرين: حاكمية الشعب، القيادة، الأسرة، العلاقات الاجتماعية، الحقوق الاجتماعية، البيئة و ما شابه.
ذكرنا هذه المحاور على سبيل المثال لا الحصر، و من الطبيعي تماماً بل ما ننتظره هو أن يتم مراجعتها بدقة لغرض تنقيحها و استكمالها. 
  
المخطط رقم 5 ـ المقومات الرئيسية لمعرفة الفرد / التيار من منظارين: الأنا و الآخر (و قد تميّزت بالعلامة *)
عندما نشرح "الأنا" من منظار نفسي و من منظار "الآخر" أو "الآخر" من منظار "الأنا" أو من منظاره هو من خلال المحاور الخمسة المذكورة أعلاه، لا شكّ في أنّ المسافة بين هوية الأنا كما أعرّفها من وجهة نظري و كما يعرّفها الآخر من وجهة نظره سوف تتوضّح و تتبيّن. إنّ أهم إنجاز يمكن أن يحقّقه الحوار في الظروف الراهنة و الذي يمكن بالتأكيد أن يوفّر الظروف المناسبة لحل الكثير من المعضلات، هو التقريب بين هذين النوعين من الهوية، عنيتُ، الهوية المقبولة و الهوية المنسوبة. 
إنّ الحصول على معلومات حول الأفراد و التيارات الفكرية و الثقافية و الفنية و الرياضية و السياسية و الاقتصادية في إيران و العالم العربي و من خلال المحاور الخمسة أعلاه و على صعيدي "الأنا" و "الآخر" بحاجة إلى بذل جهود مضنية و متواصلة و ممنهجة ممّا لا يمكن تحقيقها بالسهولة التي قد يتصوّرها البعض. لذا فالأمر الذي يجدر القيام به هو تأسيس أمانة عامة في إحدى المؤسسات المعتبرة، منظمة المؤتمر العلمي مثلاً،  و بالتعاون مع الباحثين في مختلف البلدان الإسلامية، لتقوم بجمع هذه المعلومات و تحديثها.

آخر الكلام
في ظلّ الأوضاع المتأزمة التي يعيشها العالم الإسلامي، نرى أن لا سبيل أمامنا لفك العقد المستعصية و المعضلات الحالية إلّا الحوار، حتى لو كنّا لا نؤمن بإمكانية تشكيل الأمة الإسلامية في المستقبل القريب، و حتى لو كان اجتماع العالم الإسلامي حول محور العقائد الدينية المشتركة أمراً بعيداً المنال، و حتى لو لجأنا إلى نماذج بديلة لتأتلف الأمة الإسلامية حول محور الاقتصاد و الدور العالمي و غير ذلك. إنّ أيّ استرخاء أو تهاون في هذا المجال سوف يجعلنا شركاء في جرائم الذين يسفكون دماء الأبرياء. إنّ الحوار العربي – الإيراني و نظراً للعوامل المشتركة الكثيرة التي تجمع بين العرب و الإيرانيين، يمكن أن يوفّر نموذجاً ناجحاً لأنماط عديدة من الحوار تحت لواء الأمة الإسلامية. إنّ ضرورة معرفة طرفي الحوار أحدهما للآخر هي واحدة من مستلزمات و ينبغيات عديدة يتطلّب توفيرها لإقامة حوار ناجح منها مثلاً حل معضلة اللغة و تدوين قواعد الحوار الفكري. من خلال تأكيدنا في هذه الورقة على وجوب معرفة طرفي الحوار أحدهما للآخر كضرورة أخرى، قدّمنا اقتراحاً بين يدي الباحثين و أصحاب الرأي لينظروا فيه و هو تشكيل أمانة عامة في إحدى المؤسسات التي تحظى بثقة المفكرين في العالم الإسلامي تأخذ على عاتقها مهمة تصنيف أنواع التيارات الفكرية و الثقافية المنتشرة في العالم الإسلامي على أساس المواقف و الموضوعات التي ذكرنا.

المصادر:
•    القرآن الکريم
•    Ellis, Carolyn; Flaherty, Michael G. (Editors), Investigating Subjectivity: Research on Lived Experience, Sage Publication, 1992 
•    Goodwin, Charles & Heritage, John; Conversation Analysis; Annual Review of Anthropolgy, Jstore, V 19, 1990
•    Littlejohn, Stephen W. and Foss, Karen A., Encyclopedia of communication theory, London: Sage Publications. 2009
•    Magonet, Jonathan, Talking to the Other: Jewish Interfaith Dialogue with Christians and Muslims, Londan; New York: I.B.Tauris & Co Ltd, 2003.
•    Rich, S., Graham, M. Taket, A., and Shelley, J., Navigating the Terrain of Lived Experience: The Value of Lifeworld Existentials for Reflective Analysis , International Journal of Qualitative Methods, Vol. 12, 2013 Available at: http://ejournals.library.ualberta.ca/index.php/IJQM/index (
•    Shafiq Muhammad; Abu-Nimer, Mohammad, Interfaith Dialogue; A Guide for Muslims, Washington: The International Institute of Islamic Thought
•    Van Manen, M., Researching lived experience: Human science for an action sensitive pedagogy. London, ON: The Althouse Press. 1997
•    الاسلام و الامة الاسلامية في القرن القادم؛ مجموعة مختارة من المقالات و المحاضرات للمؤتمر الدولي الثاني عشر للوحدة الاسلامية، اعداد: السيد جلال ¬الدين ميرآقائي، طهران: المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية، 1420 هـ. 
•    اطلس رهبران: تصويري از صحنه رقابت داعيان مذهب در جهان اهل سنت، گروه نويسندگان، قم: مكتب منشورات معارف، 2015 م.
•    افروغ، عماد، گفت و گو؛ ابزار يا گفتمان، طهران: سوره مهر، 2008 م.
•    الويري، محسن، گفتگو و اصلاح¬گري؛ مروري بر بهره¬گيري امام موسي صدر از گفت و گو براي اصلاح اجتماعي، تقرير خاص انديشه پويا، السنة الثالثة، العدد 24، عدد خاص بعيد النوروز لعام 2015 م.، صص 186 ـ 187
•    الويري، محسن؛ مهرباني¬فر، حسين، مطالعه چگونگي و کارکردهاي گفت و گو در سيره نبوي با نگاهي به نظريه کنش ارتباطي، فصلية «اسلام و مطالعات اجتماعي» العلمية البحثية، السنة الثانية، العدد الثاني، خريف 2014 م. (صدر في شتاء 2015 م)، العدد التسلسلي: 6، صص 43 ـ 75
•    اماني، محمد، هنر گفتگو و مذاکره فرهنگي، طهران: الهدي، 2014 م. 
•    بن¬نبي، مالک، دور المسلم و رسالته في الثلث الاخير من القرن العشرين، الجزائر؛ دمشق: دار الفکر، 1412 هـ/ 1991 م.
•    بن¬نبي، مالک، مشکلات الحضارة؛ القضايا الکبري، بيروت: دار الفکر المعاصر؛ دمشق: دار الفکر، 1420 هـ. / 2000 م. 
•    پيشوايان تقريب: آيت ¬الله العظمي بروجردي و شيخ محمود شلتوت: مجموعة مقالات المؤتمر الدولي لتكريم آية الله العظمى البروجردي و الشيخ محمود شلتوت (2000 م.)، طهران: المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، 2004 م.
•    حسين، محمد محمد، حصوننا مهددة من داخلها، بيروت: مؤسسه الرسالة، ط 8، 1440 هـ / 1983 م.
•    خزاعلي، محمد علي، جدل، استدلال و آداب مناظره در قرآن کريم، قم: ابتکار دانش، 2011 م. 
•    خسروشاهي، السيد هادي (اعداد و تقديم و ملاحق)، قصة التقريب؛ امه واحده، ثقافه واحده، محطات من افکار و آراء المصلح الکبير الشيخ محمد تقي القمي، طهران: المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلاميه، 2007 م.
•    خسروشاهي، السيد هادي، گفت و گويي با علماي الازهر در باره تقريب بين مذاهب اسلامي، طهران: المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، 2008 م. 
•    الراغب الاصفهاني، ابو القاسم الحسين بن محمد، مفردات الفاظ القرآن في غريب القرآن، التحقيق: محمد سيد کيلاني، طهران: المکتبه المرتضويه، 1983 م. 
•    رضواني، علي اصغر، آداب گفتگو و مناظره از ديدگاه قرآن و روايات، قم: دليل ما، 2008 م. 
•    ريتزر، جورج. نظريه جامعه¬شناسي در دوران معاصر، طهران: منشورات علمي. 2009 م.
•    السقار، منقذ بن محمود، الحوار مع اتباع الاديان؛ مشروعيته و آدابه، رابطه العالم الاسلامي.
•    شاوراني، ماموستا محمد، "همزيستي، مدارا و گفتگو در قرآن"، الحبل المتين، السنة الأولى، العدد التجريبي الثالث، خريف 2012 م، صص 72 ـ 93.
•    شرابي، هشام، روشنفکران عرب و مقولة غرب در پايان قرن بيستم (المثقفون العرب و الغرب)، ترجمه: ماشاء الله شمس الواعظين، مجلة «کيان»، العدد 15، صص 16 ـ 19
•    عبد الباقي، محمد فؤاد، المعجم المفهرس لالفاظ القرآن الکريم، القاهره: مطبعه دار الکتب المصريه، 1364 هـ. 
•    عظيم ¬زاده اردبيلي، فائزه (تدوين¬گر)، مجموعة مقالات اصول و نماذج الخطاب و المناظرة في السيرة الرضوية، طهران: معهد دراسات فرهنگ، هنر و ارتباطات، 2016 م.
•    فضل¬ الله، السيد محمد حسين، الحوار في القرآن؛ قواعده، اساليبه، معطياته، بيروت: دار الملاک، ط 5، 1996 م. 
•    الکواکبي، عبد الرحمن، طبائع الاستبداد و مصارع الاستبعاد، يا سرشتهاي خودکامگي، ترجمة: عبد الحسين ميرزا قاجار، نقد و تصحيح: محمد جواد صاحبي، قم: دفتر تبليغات اسلامي، 1999 م. 
•    مبرقعي، جعفر، مهارتهاي گفتگو در تاريخ اسلام، مشهد: همياران جوان، 2007 م. 
•    محمدي ري ¬شهري، محمد، مناظره و گفتگو در اسلام، قم: مؤسسة دار الحديث للطباعة و النشر، ط. 1، 2004 م.
•    مطهري، مرتضي، خدمات متقابل اسلام و ايران، طهران؛ قم: صدرا، ط. 12، 1983 م.
•    منصوريان، يزدان. "بازتاب «تجربه‌هاي زيسته» در پژوهش"، مجلة «سخن هفته ليزنا»، العدد ۱۹۲، 20 تموز 2014 م.
•    مهدوي، محمد صادق؛ مبارکي، محمد، "تحليل نظريه کنش ارتباطي هابرماس"، فصلية «علوم اجتماعي» العلمية البحثية، السنة الثانية، العدد 8، صص 1 ـ 21
•    موسويان، السيد ابو الفضل، "اسلام و گفتگوي اديان"، مجلة «نامه مفيد»، العدد 16، شتاء 1998 م.
•    مير موسوي، السيد علي، "مسحوران غرب؛ چرا روشنفکران ايراني و عرب از هم دور هستند؟" مجلة «مهرنامه»، العدد 8، كانون الثاني 2011 م.، ملف خاص بالتنوير العربي.
•    نوعي، غلام رضا، "قرآن، مکتب گفتگو"، مجلة «گلستان قرآن»، العدد 101، كانون الثاني 2012 م، صص 28 ـ 33
•    هابرماس، يورغن، نظرية کنش ارتباطي، 2 ج، ترجمه: کمال پولادي، طهران: مؤسسة منشورات صحيفة ايران، 2005 م. 
•    هاشمي رفسنجاني، علي ¬اکبر، همبستگي امت اسلامي (مجموعه مقالات المؤتمر الدولي للوحدة الإسلامية)، جمعه: السيد جلال مير آقايي، طهران: المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، 2000 م. / 1421 هـ. 
•    الهيتي، عبد الستار، الحوار؛ الذات و الآخر، قطر: وزارة الاوقاف و الشؤون الاسلامية، 1383 هـ./2004 م. 
 
منبع: دبیرخانه مجمع اندیشمندان ایران و جهان عرب
 
امتیاز دهی
 
 

خانه | بازگشت |
Guest (PortalGuest)


Powered By : Sigma ITID